حجمه الطبيعي عند زوال السبب المخلخل إيّاه خارجا عن طبعه ، وذلك هو المطلوب. (١)
الأمر الرابع : تصدّع الأواني عند غليان ما فيها إمّا أن يكون بسبب حركة ما فيها ، أو بسبب حركة ما هو خارج عنها.
والأوّل لا يخلو إمّا أن يكون بسبب حركة مكانية أو مقدارية ، والأوّل محال لأنّ تلك الحركة إن كانت إلى جهة واحدة وجب أن ينقل الإناء لأنّ نقل الإناء أسهل من تصدعه ، وإن كانت إلى جهات مختلفة ، صدر عن الطبيعة الواحدة أفعال متضادة وهو محال.
ولا يجوز أن تكون تلك الحركة بشيء من الخارج ، كما يظن أنّ النار تداخل الماء المغلي فيصير أكبر حجما فينصدع الإناء ، لأنّ ذلك الخارج إمّا أن يدخل ثقبا خالية ، أو يحدث ثقبا ويدخلها. والأوّل باطل لبطلان الخلاء. وبتقدير صحّته إذا امتلأت الثقب الخالية لم يجب زيادة حجم الجسم كلّه بل وجب أن يكون على ما هو عليه.
والثاني إمّا أن يزيد في الحجم قبل النفوذ في الثقب المستحدثة أو بعده ، والأوّل محال لأنّ نفس المماسة لا توجب زيادة الحجم. نعم ربما كان المماس يدفع ويضغط إلى جهة واحدة مخالفة لجهة حركته ويضطره إليها ، ولا يجب أن ينصدع الإناء. ولأنّ السخونة تحدث كثيرا لا بسبب نار واصلة إليه بل لتسخن المحوى من تلقاء نفسه. ومحال أن يحصل الانصداع بعد النفوذ ، لأنّ تلك الزيادة إن لم تكن حاصلة قبل الانصداع فهو محال ، لأنّ الزيادة إنّما حصلت بالنفوذ في الإناء
__________________
(١) وفي شرح المواقف : «فهذا الذي ذكرناه في إثبات التخلخل يعطي ويثبت انيّته وتحقّقه ولا يفيد العلم بعلّته» ثمّ يشرح لميته ومصحّحه ، فراجع ٦ : ٢٠٥. وأيضا مقاصد الفلاسفة : ٣٠٨ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤١٧.