النوع الثاني : النموّ والذّبول (١)
إذا ازداد الجسم بسبب اتصال جسم آخر ، فإمّا أن تكون تلك الزيادة مداخلة في أجزاء المزيد عليه مشتبهة بطبيعته ، وإمّا أن لا تكون كذلك. والأوّل هو النمو وضدّه الذبول.
وفرق بين النمو والسمن ، والذبول والهزال : أنّ الواقف في النمو قد يسمن كما أنّ المتزايد في النمو قد يهزل ؛ والأصل فيه أنّ الزيادة إن أحدثت المنافذ في الأصل ودخلت فيها واشتبهت بطبيعة الأصل واندفعت أجزاء الأصل إلى جميع الأقطار على نسبة واحدة في نوعه ، فذلك هو النمو. وأمّا الشيخ (٢) إذا سمن فانّ أجزاءه الأصلية قد جفّت وتصلّبت فلا يقوى الغذاء على تفريقها والنفوذ فيها فلا تتحرك أجزاؤه الأصلية إلى الزيادة فلا يكون ناميا ، نعم لحمه قد يتحرك إلى الزيادة فيكون ذلك نموا فيه بالحقيقة ، لكن المخصوص باسم النمو حركة الأعضاء
__________________
(١) عرّف الجرجاني «النمو» بانّه : «ازدياد حجم الجسم بما ينضم إليه ويداخله في جميع الأقطار ، نسبة طبيعية ، بخلاف السمن والورم. أمّا السمن ، فإنّه ليس في جميع الأقطار ، إذ لا يزداد به الطول. وأمّا الورم فليس على نسبة طبيعية.» التعريفات : ٣١٦. وعرف الذبول بانّه : «انتقاص حجم الجسم بسبب ما ينفصل عنه في جميع الأقطار على نسبة طبيعية.» ص ١٤٣.
وانظر البحث في : الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأوّل ، والفصل الثامن من الفن الثالث من طبيعيات الشفاء ؛ طبيعيات النجاة ، فصل في الحركة ؛ المباحث المشرقية ١ : ٦٩٢ ؛ شرح حكمة العين : ٤٣٤ ؛ مقاصد الفلاسفة : ٣٠٨ ؛ كشف المراد : ٢٦٧ ؛ إيضاح المقاصد : ٢٨٢ ؛ شرح المواقف ٦ : ٢٠٧ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤١٧.
(٢) وسن الشيخوخة من نحو ستين سنة إلى آخر العمر. شرح حكمة العين : ٤٣٤.