وعن الثاني : أنّ في النامي أجزاء أصلية غير متبدلة وهي الحافظة للصورة النوعية المتشخصة ، وأجزاء متبدلة وهي أسباب لظهور كمالات تلك الصورة.
واحتجّ الشيخ (١) على بقاء بعض الأجزاء ببقاء الشامات وأنداب (٢) القروح.
وهو ضعيف ، لاحتمال أنّ الأجزاء الغذائية لمّا وصلت إلى ذلك الموضع تشبهت به.
وقول المشكك : الزيادة لمّا اتّصلت بالأصل وتشبّهت بطبيعته لم يكن البعض أولى بالتحليل من البعض. ممنوع ، لأنّ التخصيص يجوز اسناده إلى الفاعل المختار. وأيضا الزيادة ربّما (٣) تتميز عن الأصل في الاستحكام والقوّة ، لأنّ الأجزاء الغذائية لمّا كان ورودها بعد تمام الخلقة كانت في معرض الزوال ولم تكن مستحكمة الخلقة ، والأصلية لما فيها من الصور النوعية مبدأ لاستزادة تلك الزيادات وتحليلها فتصير تلك الزيادات والنقصانات كالصفات المتعاقبة على ذلك الأصل الباقي وهو الحركة.
وعن الرابع : (٤) بما تقدّم من أنّ المبدأ والمنتهى لا يجب أن يكونا متضادين ، بل يكفي في ذلك نوع من التقابل.
ثمّ إن سلّمنا أنه لا بدّ من التضاد ، فالصغير والكبير الذين يتحرك بينهما النامي والذابل (٥) ليس الصغير والكبير الإضافي ، بل الطبيعة جعلت للأنواع
__________________
(١) راجع الفصل الثامن من الفن الثالث من طبيعيات الشفاء : ١٤٣.
(٢) أنداب وندوب جمع الجمع أو جمع النّدبة ، وهي أثر الجرح الباقي على الجلد إذا لم يرتفع عنه.
القاموس المحيط ١ : ٢٩٤ ؛ تاج العروس ٤ : ٢٥٢.
(٣) ق : «إنّما».
(٤) ما أجاب المصنف عن الوجه الثالث.
(٥) في النسخ : «الزابل» غير منقوطة والزاء المعجمة ، وما أثبتناه هو الصحيح.