لازما. ولأنّهما يقبلان التفاوت بالشدة والضعف والعدم لا يقبلهما ، فهما وجوديان.
وهذه السرعة والبطء من الكيفيات المحسوسة وهذا يدل على أنّ الحركة ليست نفس الانفعال ، لأنّ الانفعال أمر نسبي والأمور النسبية لو كانت موجودة لم تكن محسوسة فلا تحل فيها الكيفية المحسوسة ، والحركة محلّ السرعة والبطء ، فليست نفس الانفعال كما توهّمه بعضهم.
المسألة الخامسة : في انحصار شدّة السرعة والبطء بين طرفين (١)
كلّ مسافة معينة محصورة بين مبدأ معيّن ومنتهى معيّن فانّه يمكن قطع تلك المسافة بحركات مختلفة السرعة والبطء.
قيل : (٢) ولا بدّ من انتهاء السرعة إلى حدّ يستحيل قطع تلك المسافة بأسرع منها وكذلك البطء ، لأنّ السرعة والبطء يقبلان الاشتداد والتنقص وكلّ ما كان كذلك فمن ضدّ إلى ضدّ والضدّان بينهما غاية الخلاف ، فلو لم توجد حركة سريعة فيما بين المبدأ والمنتهى المعينين بحيث يمتنع أن يوجد بينهما ما هو أسرع منها وكذا في جانب البطء لم تكن السرعة مضادة للبطء.
وأيضا فلو كان كلّ السرعة يمكن أن يوجد ما هو أسرع منها وقد بيّنا أن تجدد مراتب السرعة والبطء بحسب تجدد مراتب المعاوقات الخارجية والداخلية لكان كلّ زمان تحصل الحركة فانّها (٣) تحصل بسبب مقارنة أمور غريبة وهي تلك المعاوقات الداخلية والخارجية فلا تكون الحركة مستحقّة في نفسها للزمان ، وهو محال.
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٧٢٣.
(٢) والقائل هو الرازي في المباحث.
(٣) والعبارة في المباحث هكذا : «كلّ زمان يحصل للحركة فإنّما يحصل ...».