وجب من ذلك وقوع التضاد في الحركات ، كما يتضاد الجسم الحارّ والبارد لعرضيهما (١) ، لكن تعلّق الإسخان والتبريد لمّا كان أوّلا بتلك العوارض المتضادة لا جرم حصلت المضادة في تلك الأفعال فكذا هنا.
وفيه نظر ، فإنّ أجزاء الزمان وإن كانت متساوية لكن يعرض لها التقدم والتأخر وتتعلّق الحركة بهما وهما متقابلان مع عدم تقابل الحركة بسببهما. أو إن تقابلت فلم لا تتضاد بسببهما؟ ولأنّه ليس تعلّق الحركة بما منه وما إليه أعظم من تعلّق القدرة بالضدّين ، مع أنّ الشيء لا يضاد نفسه.
المسألة الثالثة : في أنّ تضادّ الحركات ليس للحصول في الأطراف بل للتوجه إليها(٢)
قد عرفت أنّ بين كلّ حركتين تضاد مبدأهما ومنتهاهما تضادا ، فنقول : ليس تضاد هاتين الحركتين للحصول في نهايتي الحركة بل للتوجه إليهما ؛ لأنّه لو كان التضاد في الحركات متعلّقا بنفس الطرفين والحصول فيهما لما حصل التضاد بين الحركات الموجودة ، والتالي باطل لما تقدّم من ثبوت التضاد بينها (٣) ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ عند حصول المتحرك في النهاية تنتهي حركته وتنقطع ولا يبقى لها وجود ، فلو كان التضاد إنّما يحصل عند الوصول إلى الغاية التي تنقطع عندها الحركة وتعدم لم يكن التضاد عارضا للموجود من الحركات بل للحركات المعدومة ، لكن لا يعقل التضاد في العدم. فإذن ليس التضاد في الحركات معللا
__________________
(١) في الشفاء : «بعرضيهما».
(٢) راجع طبيعيات النجاة : ١٤٢ (فصل في تضاد الحركات) ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٢٧ ؛ شرح حكمة العين : ٤٤٩ ـ ٤٥٠ ؛ شرح المواقف ٦ : ٢٣٩.
(٣) ق : «بينهما».