لا يقال : إنّما تضادتا باعتبار الأطراف لا باعتبار الاستقامة والاستدارة.
لأنّا نقول : مسلّم ذلك ، لكن المستقيم مخالف بالنوع للمستدير فليس الحكم على أحدهما حكما على الآخر.
المسألة السادسة : في أنّ الحركات المستديرة غير متضادة (١)
ربما توهم بعض الناس أنّ بين الحركات المستديرة تضادا ، فانّ الحركة إلى التوالي وإلى خلافه معنيان وجوديان بينهما غاية الخلاف وموضوعهما لا يمكن اجتماعهما فيه.
وهو باطل ، لإمكان اتفاق قسي غير متناهية في أطراف مشتركة. وأيضا الحركة من طرف قوس إلى طرف آخر لا تضاد الباقي منه ، لأنّ الدائرة لا يجب أن يكون فيها طرف بالفعل وإن وجد كان بعينه مبدأ ومنتهى. وقد عرفت أنّ تضاد الحركات إنّما هو بتضاد مبدئها ومنتهاها.
وأمّا الحركة إلى التوالي وخلافه فليستا ضدّين ، لأنّ كلّ واحد منهما يفعل فعل الآخر لكن في النصف الآخر من المدار ، فانّ المنحدر من السرطان إلى الجدي على التوالي تكون مسافته الأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس ، والمنحدر من السرطان إلى الجدي على خلاف التوالي تكون مسافته الجوزاء والثور والحمل والحوت والدّلو ، والصعود بالعكس ، فقد فعل كلّ منهما ما فعله الآخر لكن في النصف الآخر ، ولما كان الفلك متشابه الأجزاء تساوى النصفان في الماهية. والأطراف والنهايات أيضا متساوية فلا يكون شيء منها سببا لتضاد الحركات
__________________
(١) راجع السادس من مقالة الأوّل من طبيعيات الشفاء ١ : ٢٨٧ ؛ طبيعيات النجاة : ١٤١ (فصل في تضاد الحركات) ؛ التحصيل : ٤٤٢ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٢٨ ؛ شرح المواقف ٦ : ٢٤٦ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤٤٢.