الحيوانية.
وأجيب : بأنّ الفعل الذي يفعله الحيوان بالداعية الواحدة المستمرة لا يكون مختلفا بل يكون على طريقة واحدة مستمرة لا تتغير فانّه ما لم تتغير داعية الحيوان لا تتغير أفعاله ، فاختلاف الآثار لازم لاختلاف الاختيار لا أنّه لازم لنفس الاختيار ، إذ [لو] (١) أوجب الاختيار نفسه تغير الأفعال لاستحال استمرار الفعل الواحد ، إلّا أن يقال : كل فاعل بالداعي لا بدّ وأن يتغيّر داعيه فيتغير فعله. لكن ذلك باطل ، لأنّ الفعل لما استمر زمانا واستمراره لاستمرار الداعية الواحدة علمنا أنّ الداعية ممكنة البقاء ، وإذا كانت ممكنة البقاء فلتكن ممكنة البقاء دائما ، لأنّ الصحّة لا تتخصص بوقت دون وقت ، وإذا أمكن استمرار الداعية أزلا وأبدا أمكن استمرار الفعل الاختياري أزلا وأبدا. ولهذا قال بطلميوس : إنّ المختار إذا طلب الأفضل ولزمه لم يكن بينه وبين الطبيعي فرق.
وفيه نظر ، لأنّ الاختيار ينافي الأزلية على ما تقدّم فلا يمكن إسناد الحركة الأزلية إليه. وأيضا الحركة الدورية عندهم حافظة للزمان بل هي محلّه ، لأنّ الزمان عندهم مقدار الحركة الدورية والمقدار عرض حالّ في ذي المقدار فإذا كانت الحركة اختيارية لم تكن واجبة الحصول من حيث هي هي فلا يجوز أن يكون شرطا لما يجب وجوده ويمتنع عدمه.
المسألة الثالثة : في أنّ الحركة المستديرة أقدم (٢)
قد عرفت أنّ الحركة إنّما تقع في مقولات أربع. أمّا الحركة الكمية فتحصل
__________________
(١) ما بين المعقوفين من المباحث.
(٢) راجع التاسع من رابعة الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ١ : ٣٠٠ ؛ شرح الإشارات ٢ : ٢٤٢ ؛ التحصيل: ٤٥٠ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٤١.
قال بهمنيار بعد ذكر الأدلّة على ذلك : «فالدورية غنيّة عن سائر الحركات ، وسائر الحركات لا تستغني عن الحركة الدوريّة ، فهي إذن أقدم الحركات بالطبع».