تارة بالنمو والذبول وأخرى بالتخلخل والتكاثف.
أمّا النمو والذبول فإنّ الحركة فيه لا تخلو عن الحركة المكانية في الكم ، لأنّ الحركة في الأقطار زيادة ونقصانا إنّما هي في المكان. وأيضا النمو إنّما يكون بورود الغذاء على النامي ونفوذه فيه على التناسب في الأقطار وذلك حركة مكانية.
وأمّا التخلخل والتكاثف فإنّما يحصلان بعد استحالة في جوهر المتحرك فيهما والاستحالة إنّما تكون بعد الحركة المكانية ، فإنّ الجسم لذاته لا يستحيل في الكيف بل لا بدّ له من ملاقاة غيره حارا أو (١) باردا أو محاذاته له بعد أن لم تكن ، وذلك يستدعي الحركة المكانية ، والحركة المكانية إنّما تكون في الجهات المتأخرة عن محددها ، فهي أقدم الحركات بالطبع ؛ والشرف أيضا لأنّها لا توجد إلّا بعد استكمال الجوهر بالفعل. ولا تكون سببا في فساد الجوهر ولا تزيل عنه شيئا من عوارضه الذاتية بل الزائل النسبة إلى الأمور الخارجية. وهي أيضا ثابتة ولا تقبل الشدّة والضعف بخلاف الطبيعية المشتدة أخيرا والقسرية المشتدة وسطا.
وفيه نظر ، فانّ تقدّم المحدد لو سلم على ذوات الجهة لم يلزم تقدّم حركته على حركتها ، لأنّ المحتاج إليه في تحدد الجهات وجود محيط ولا تشترط فيه الحركة.
المسألة الرابعة : في نسبة الحركة الدورية إلى الحوادث (٢)
كلّ حادث مستند إلى سبب موجب مؤثر ، فانّه يجب أن يكون حادثا إمّا في ذاته أو في شرطه ، إذ لو كان السبب التام قديما لوجب قدم معلوله ، فانّ السبب التام الموجب لو وجد مع عدم مسببه لكان وجود المعلول عند وجود ذلك السبب
__________________
(١) ق : «و».
(٢) راجع المباحث المشرقية ١ : ٧٤٢.