مؤثرة بل تقرب المعلول إلى حيث يمكن صدوره عن العلّة. وإمّا مؤثرة فإنّه يجب مقارنتها للأثر فلا بدّ من الحركة ، وهي إمّا مستقيمة وهو محال لانتهائها إلى السكون ، أو مستديرة وهو المطلوب.
مثلا : أنّ الثقيل في هويه لا ينتهي إلى حدّ من حدود المسافة إلّا ويصير ذلك الانتهاء سببا لاستعداده لأن يتحرك منه إلى الحدّ الذي يليه والمؤثر في تلك الحركة بالحقيقة هو الثقل. ولكن لو لا انتهاء الجسم بالحركة السابقة إلى ذلك الحدّ لاستحال وجود (١) تلك الحركة ، لأنّ قبل الانتهاء إلى ذلك الحدّ استحال أن يوجب الثقل تحريكه من هناك ولما تحرك إلى ذلك الحدّ صار الثقل بحيث يمكنه تحريكه منه ، فالحركة من ذلك الحدّ كانت ممتنعة الصدور عن الثقل وكانت بعيدة عن العلّة.
ثمّ لمّا صارت ممكنة صارت قريبة وهذا القرب بعد البعد إنّما حصل بسبب الحركة السابقة ، فالحركة السابقة قربت الثقل من تلك الحركة بعد بعده عنها.
ومن الحركات الإرادية أنّ إرادة الذهاب إلى الحجّ إرادة كلية وهي سبب لحصول إرادات جزئية مترتبة تكون كلّ واحدة منها مقرّبة للإرادة الكلية إلى ما بعده ، لأنّه لا ينتهي إلى حدّ من حدود المسافة إلّا وذلك القصد الكلي عند ذلك يقتضي حصول قصد جزئي إلى الانتقال من ذلك الحدّ إلى حدّ آخر ، والمؤثر في وجود تلك المقاصد الجزئية المتتالية المؤثرة في الحركات المتوالية هو القصد الكلي ، وفاعل مقارن لجميع تلك الحوادث.
وإذا تقرر هذا فنقول : لهذه الحوادث سبب قديم أزلي هو واهب الصور ، وفيضه موقوف على استعداد المادة لقبول ذلك الفيض وهذا الاستعداد حادث ـ بعد ما لم يكن ـ بواسطة الحركات والتغيرات حتى يكون كلّ سابق علّة لأن تستعد
__________________
(١) ج : + «أن يوجب» قبل «وجود».