والقسم الأوّل لا بدّ وأن تكون الحركة فيه لقوّة مودعة في الجسم المتحرك ، لامتناع صدورها عن الجسمية. فتلك القوّة إن حصلت لذلك الجسم من أمر خارجي عن ذاته لولاه لما وجدت ، وهي القوّة القسرية والحركة بها تكون قسرية كحركة الحجر إلى فوق. أو تكون بسبب موجود في ذات الجسم. فإمّا أن يكون له شعور بما يصدر عنه أو لا. والأوّل هو الحركة الإرادية ، كحركة الإنسان باختياره في جهة إرادية. والثاني هو الحركة الطبيعية ، كحركة الحجر إلى أسفل. فالحركات إذن هذه الأربع : الطبيعية والإرادية والقسرية والتي بالعرض. فلنبحث عن أحكامها.
المسألة الثانية : في أنّ الحركة ليست طبيعية مطلقا (١)
الطبيعة أمر ثابت باق قار الذات مستمر الوجود على نهج واحد والحركة ليست ثابتة قارة الذات مستمرة على نهج واحد ، فلا تكون صادرة عن الطبيعة وحدها لوجوب بقاء المعلول ببقاء علّته.
ولو كانت الحركة قارّة الوجود لم تكن حركة ، هذا خلف.
وأيضا لو كانت الطبيعة بانفرادها (٢) مقتضية للحركة امتنع سكونه في مكان أصلا ، وحينئذ لا يكون شيء من الأمكنة طبيعيا له فلا يكون شيء من الأمكنة مطلوبا له فلا يكون الجسم متوجها إلى شيء من الأمكنة فلا يكون متحركا ولا ساكنا ، هذا خلف.
__________________
(١) راجع التاسع من رابعة الأوّل من الشفاء (السماع الطبيعي) ؛ إلهيات النجاة : ١١٥ (فصل في أنّ الفاعل القريب للحركة الأولى نفس) ؛ شرح حكمة العين : ٤٢٦ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٣٧ ؛ مقاصد الفلاسفة : ٣١٠ ؛ كشف المراد : ٢٧٢ و ٢٧٣ ؛ شرح المواقف ٦ : ٢٢٤ (المقصد الرابع) ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤٣٠.
(٢) في النسخ : «بأفرادها».