كذلك بطل ما قالوه.
وأمّا المذهب القائل بالتوليد فهو باطل ، لأنّه يقتضي كون الحركة الثانية معلولة للأولى والعلّة يجب وجودها عند وجود المعلول ولا يمكن اجتماع الحركتين فيلزم أن يكون المعدوم علّة في الموجود ، وهو محال.
وإذا بطلت المذاهب الثلاثة بقي الحقّ هو الرابع. وعليه شكّان :
الأوّل : القوّة المحركة إلى فوق هي صورة النار فلو وجدت في الحجر هذه القوّة لكانت عرضا في الجوهر وقد كانت جوهرا في النار فيكون الشيء الواحد عرضا وجوهرا ، وهو محال.
الثاني : لو أفاد المحرك قوّة لكان كمال فعلها في الابتداء ، والتالي باطل بالوجدان ، لأنّ الحركة القسرية تشتد في الوسط ، والشرطية ظاهرة.
والأوّل رديّ جدا ، لأنّ الميل الصاعد في النار مستند إلى قوّة طبيعية وصورة نوعية هي الصورة النارية وهي جوهر ، وأمّا مبدأ الميل الحجر الصاعد فانّها قوّة عرضية مخالفة للصورة النارية ولا يجب أن تكون صورة جوهرية مساوية للصورة النارية ، لأنّ الآثار المتساوية يجوز استنادها إلى علل مختلفة ، واشتداد الحركة القسرية لا يستلزم اشتداد القوّة التي أفادها القاسر لجواز استناد الشدّة في الوسط إلى سخونة المتحرك المستفادة من مصاكة الهواء على ما تقدّم.
وهنا إشكال صعب وهو : أنّ تلك القوّة المستندة إلى القاسر إمّا أن تضعف بمصادمات الهواء المخروق أو لا تضعف. والأوّل باطل ، لما سبق من أنّ الشيء الواحد لا يشتد ويضعف. وأنّه لا معنى للاشتداد والضعف إلّا تتالي أنواع مختلفة بالماهية ، وحينئذ يكون الكلام في علّة تلك القوة الجاذبة كالكلام في علّة الحركة