والجواب عن الثالث : بالمعارضة بالزمان المعيّن ، فإنّ قولنا : «لم يكن هذا الزمان في الأزل» غير مشعر بكون الزمان في زمان آخر ، فكذا فيما ذكروه.
والجواب عن الرابع : بالمعارضة بالأحياز ، فانّ العالم إذا كان متناهيا كان له حيث وحيّز معيّن ، وليس تعيّن ذلك الحيّز بسبب وجود العالم ، لأنّ وجود العالم موقوف على وجود ذلك الحيز. فإذن ذلك الحيز ممتاز في نفسه عن سائر الأحياز. فإذن الأحياز الفارغة أمور وجودية مقدّرة متمكنة (١) فتكون جسما وجسمانيا فيلزم عدم تناهي الأجسام. ولمّا حكمتم ببطلانه وجعلتم هذا التقدير وهميّا (٢) ، فليكن في الزمان كذلك.
وقد سألت شيخنا أفضل المحقّقين نصير الملة والحقّ والدين ـ قدس الله روحه ـ عن الفرق فقال : لا فرق بينهما.
وأيضا نعارض ما ذكرتم في حدوث كلّ الزمان بحدوث كلّ واحد من أجزائه فنلزمكم.
أمّا التسلسل في الأزمنة ، وهو محال. وبتقدير صحّته فالمقصود حاصل ، لأنّه إذا وقع كلّ زمان في زمان آخر لا إلى نهاية كانت تلك الأزمنة معا ، لأنّ الشيء لا يقع في الزمان الذي مرّ ، فنقول : تلك الأزمنة الغير المتناهية التي وقع بعضها في بعض قد وجدت الآن بأسرها فالذي هو كالطرف لمجموعها يستحيل أن يكون زمانا آخر ، وإلّا لكان جزءا من ذلك المجموع لا طرفا له. وإذا عقل ذلك هنا فليعقل مثله في كلّ حادث. أو عدم الافتقار إلى الزمان وحينئذ يسقط أصل الدليل.
والجواب عن الخامس : أنّ تقدير حركتين وإمكان وجودهما لا يقتضي إلّا
__________________
(١) في المباحث : «متكمّمة».
(٢) في النسخ : «وهميّ» ، أصلحناها طبقا للسياق.