إمكان وجود الزمان ، فكيف حكمتم بأنّه لا بدّ وأن يكون الزمان موجودا؟
قيل (١) : الحركة وإن كانت غير موجودة إلّا أنّ إمكانها محقّق وإمكانها على الوجه المفروض إمكان قابل للتقدير ، فإنّ الحركة العظيمة المفروضة يمتنع وقوعها في المدة التي تقع فيها الحركة الصغيرة ، والتفاوت بين المدّتين حاصل سواء وجدت الحركتان أو لم توجد ، أفنحن نستدل لإمكان وجود الحركتين على وجود المدتين ثمّ بعد ذلك نستدل بوجود المدّة على وجود الحركة؟
وهو غلط ، لأنّ الإمكان أمر عقلي وفرض اعتباري لا يعقل فيه زيادة ولا نقصان.
ثمّ ينتقض بإمكان تصور كرة محيطة بالعالم بحيث يكون بين سطحها الظاهر والباطن ذراع ويمكننا أن نتصورها بحيث بين سطحيها ذراعان ، وهذا المفروض إن كان ممتنعا لزم انتقال الخالق من العجز إلى القدرة ، وإذا كان ممكنا فإمّا أن يوجد الجسم العظيم في حيز الجسم الصغير وهو محال ، وإلّا انتفى التفاوت في المقادير وقد فرض كذلك ، هذا خلف ، فحينئذ تتحقق خارج العالم امتدادات قابلة للتقدير فيكون كما أو ذا كم ، فخارج العالم جسم فالأجسام غير متناهية.
اعترض بأنّ وجود الكرتين المحيطتين بالعالم على الوجه المفروض محال فلا جرم أدّى إلى المحال.
والانتقال من الامتناع إلى الإمكان ، مغالطة ؛ لأنّ جسما آخر أعظم من العالم لمّا كان ممتنعا فهو ممتنع أبدا.
وأمّا تقدير وجود الحوادث قبل أن حدثت لو لم يكن ممكنا وكان ممتنعا لزم
__________________
(١) والقائل هو الرازي في المباحث ١ : ٧٧٧.