دوام امتناعها ، وإلّا فقد انقلب الذي كان ممتنعا إلى الإمكان. (١)
والجواب : لو امتنع وجود الكرتين المماثلتين للعالم في الطبيعة لامتنع وجود العالم لاشتراك المتساويات في اللوازم ، فإذا كان أحد المثلين ممتنعا لذاته كان الآخر كذلك ، ولو جوّزنا ذلك جوّزناه في الزمان.
وأيضا تقارب الإمكانين لا يستلزم وجود الزمان ، لما تقدم.
رابعا : قد سلف (٢) بيان أنّ الزمان هل هو وجودي ثابت في الخارج أم لا؟ وأبطلنا المذهب القائل بوجوده في الأعيان فلنستقص الآن الكلام من الطرفين في ذلك ، فنقول : الحقّ أنّ الزمان ليس أمرا ثابتا في الأعيان لوجوه : (٣)
الوجه الأوّل : لو كان الزمان موجودا فإمّا أن يكون منقسما أو لا ، والقسمان باطلان.
أمّا الثاني : فلأنّه يلزم أن لا يكون متقضيا فيلزم أن يكون الحاصل في هذا اليوم حاصلا في زمان الطوفان بل يكون حاصلا حين ما كان معدوما ، فيلزم اجتماع النقيضين وارتفاع التقدم والتأخّر من الموجودات ، وهو باطل بالبديهة.
وأمّا الأوّل : كان غير حاصل بجميع أجزائه وإلّا عاد المحال ، بل هو مقتض سيال فيكون منه ماض ومستقبل وهما معدومان. وأمّا الحاضر فإن كان منقسما وهو مقتض كان بعضه ماضيا وبعضه مستقبلا فلا يكون الحاضر حاضرا ، هذا خلف. وإن لم يكن منقسما كان ذلك هو الآن ، وهو محال.
أمّا أوّلا : فلأنّ الآن طرف الزمان والشيء إذا كان غير موجود في نفسه امتنع
__________________
(١) انظر الاعتراض من الرازي في المباحث : ٧٧٧.
(٢) في المجلد الأوّل ، ص ٣٣٧.
(٣) انظرها في العاشر من ثانية الأول من طبيعيات الشفاء (السماع الطبيعي) ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٥٧ وما يليها.