بعض أجزائه قبل البعض وتلك القبلية ليست بالعلّية ؛ لوجوب حصول المعلول مع علته ، والقبل هنا يمتنع حصوله مع البعد.
ولأنّ الجزء المفروض علّة إن كان وصف العلية له لماهيته أو لوازمها (١) وجب تخالفهما في الحقيقة ، وإلّا كان الشيء علّة لنفسه. فإذن كلّ جزء يفرض في الزمان فهو مخالف في الماهية للجزء الآخر ، لكن الأجزاء التي يمكن فرضها فيه غير متناهية فهي حاصلة بالفعل ، لأنّ امتياز الأمور المتخالفة بالماهية لا يتوقف على الفرض والاعتبار ، وذلك محال لأنّ كلّ واحد من تلك الأجزاء غير قابل للقسمة وإلّا كانت الأجزاء الممكنة فيه متميزة لا (٢) بالفعل فلا يكون واحدا وقد فرض كذلك ، فيلزم تركب الزمان من الآنات المتتالية فيلزم تركب الجسم من الجواهر الأفراد.
وإن كانت علّية المتقدم للمتأخر من العوارض ، أمكن زوال هذا الوصف عنه فكان يمكن أن يكون أمس غدا والغد أمس ، وهو محال. ولأنّ المتقدم إذا أمكن أن يكون هو بعينه متأخرا كان حصول القبلية له بسبب وقوعه في الزمان المتقدم وكذا المتأخر ، فللزمان زمان ويتسلسل. فتقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض ليس بالذات ولا بالعلية ولا بالشرف ولا بالمكان ، لأنّ الزمان ليس ذا وضع فهو إذن بالزمان لانحصار أنواع التقدم عندهم في الخمسة ، فللزمان زمان ويتسلسل.
الوجه الرابع : المعقول من الزمان : الأمر الذي به يكون تقدّم الأشياء بعضها على بعض التقدم والتأخر اللذان يمتنع أن يوجد المتقدم والمتأخر معا ، فهذا المعنى لو ثبت لكان متعلقا بالحركة لأدلة المشائين ، لكن هذا المعنى قد يوجد في
__________________
(١) أي لوازم ماهيته.
(٢) ساقطة في المباحث المشرقية.