والمعتمد أن نقول : هنا أكوان حادثة فالمدعى قدمه : إمّا أن يكون المجموع وهو باطل بالضرورة ، لأنّ المجموع متأخر عن آحاده الحادثة والمتأخر عن الحادث بالضرورة حادث. وإمّا أن يكون كلّ واحد وهو باطل بالضرورة ، لأنّا فرضناه حادثا. أو يكون واحدا منها وهو محال أيضا ، وإلّا لم يكن ذلك حادثا فلا يكون بعض آحاد مجموع الحوادث ، هذا خلف. ولا يكون مسبوقا بغيره فتنقطع الحوادث عنده فلا توصف باللانهاية ، ولا نوعها لما تقدم من أنّ النوع لا يوجد في الخارج منفكا عن شخص. (١)
الوجه الثاني : في الحدوث (٢)
أن نقول : لو كانت الأجسام أزلية لكانت في الأزل إمّا متحركة (٣) أو ساكنة (٤) ، والتالي بقسميه باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ الجسم إن كان مستقرا في مكان واحد أكثر من زمان واحد فهو الساكن ، وإن لم يستقر كذلك كان متحركا (٥) ، لكنّه لا يجوز أن يكون متحركا في الأزل لوجوه :
__________________
(١) قد تمّ الوجه الأوّل في حدوث الأجسام الذي ابتدأ من ص ١٥.
(٢) أنظر الوجه الثاني في الكتب التالية : نقد المحصل : ١٩٥ ؛ المطالب العالية ٤ : ٢٤٥ (تقرير الدلالة المبنية على الحركة والسكون) و ٢٨١ ؛ معالم أصول الدين : ٤١ ؛ مناهج اليقين : ٣٧ ؛ كشف الفوائد : ١٤٣ ؛ قواعد المرام في علم الكلام : ٥٨ (الركن الأوّل من القاعدة الثالثة في حدوث العالم) ؛ شرح المواقف ٧ : ٢٢٢ ـ ٢٢٧ ؛ إرشاد الطالبين : ٦٧ ؛ اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية : ٦٥.
(٣) وهو قول أرسطاطاليس وديمقراطيس وأتباعهما. راجع المطالب العالية ٤ : ٢٨١.
(٤) وهو قول أكثر الفلاسفة الذين كانوا قبل أرسطاطاليس. المصدر نفسه.
(٥) وهذا الحصر ضروري ، لأنّه دائر بين النفي والإثبات. راجع الرازي ، المسائل الخمسون في أصول الدين ، تحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا : ١٨ (المسألة الأولى).