لأنّه فسر الحركة بالحصول في حيز بعد الحصول في حيز آخر ، فليس هو نفس الحصول وحده ، بل يجب أن يقترن به معنى بعدية الحصول السابق ، وهو إضافي ، والإضافيات غير ثبوتية عنده. وقد أطلق القول بوجود الحركة فلزم (١) كون أحد جزئي ماهيتها معدوما ، فلا يكون القول بوجودها على الإطلاق صحيحا.
قوله في بيان امتناع أزلية الحركة : «كلّ الحركات (٢) تحتاج إلى موجد مختار» فغير بيّن بنفسه ، ولم يذكر عليه دليلا. وقد يلوح من كلامه عند الاعتراض عليه أنّه إنّما قيد الموجد بالمختار ، لتخلّف الحركة عنه وامتناع تخلف المعلول عن العلّة الموجبة. لكن لو سلّم له هذا لسلّم في كلّ واحد من الحركات. أمّا المجموع أو النوع فلم يثبت كونهما متخلفين عن مؤثرهما حتى يمكن الاستدلال بالتخلف على كون الموجد مختارا.
وتعليل الوجود بالعدم وإن كان ممتنعا ، لكن اشتراط الوجود بالعدم غير ممتنع ، فإنّ عدم الغيم شرط في إضاءة وجه الأرض من الشمس ، وعدم الدسومة شرط في انصباغ الثوب من الصبغ.
وقوله : في امتناع كون الجسم في الأزل ساكنا : «إنّ صحّة الحركة تتوقف على صحّة وجود الحركة في نفسها وقد تقدّم استحالتها». يقال له قد تبيّن فيما مرّ إمكان استمرار نوع الحركة في الأزل ، فبطل أصل الدليل. وأيضا امتناع الحركة لا يكون لذاتها ، وهو عدمي ، والعدمي عنده لا يكون علّة ولا معلولا ولا مضافا ، لأنّ الإضافة عدمية عنده أيضا ، فلا تكون لازما ، لما مرّ ، وهو أنّ اللزوم من غير اعتبار العلية والمعلولية غير معقول.
__________________
(١) ق : «فلزمه».
(٢) ق : «حركة».