به ، فتقدم العدم على الوجود يحتاج إلى زمان يقعان فيه ، لعدم دخول الزمان المقتضي للتقدم والتأخر في مفهومهما. وأمّا بعض أجزاء الزمان يتقدم على البعض الآخر ، لكون التقدم والتأخّر داخلين في مفهومهما.
وقوله في جواب انّ العالم ليس في مكان ، فلا يكون متحركا ولا ساكنا : «فانّا (١) إذا فرضنا جوهرين متماسين عنينا بالسكون بقاءهما على ذلك الوجه ، وبالحركة زوالهما عنه». تفسير جديد للحركة والسكون بما لا يفيده ، فانّ ذلك القول يقتضي أنّ الجسم الواحد لا يكون متحركا ولا ساكنا. وأيضا أنّ الجسم إذا تحرك كانت أجزاؤه ساكنة لبقائها على المماسة. وأيضا لمّا كان العالم عنده عبارة عن جميع الأجسام ولا يمكن أن يكون معه جسم آخر فلا يكون متحركا ولا ساكنا وإن كانت أجزاؤه متحركة وساكنة ، وحينئذ يبطل أصل الدليل. ومن قبل فسّر الحركة والسكون بالحصول في الحيز.
و «كون المكان أمرا عدميا حتى يكون الجسم في أمر عدمي» (٢) غير ممتنع.
وأسقط (٣) كون المكان حالا في متحيز ، وكأنّه قال : يمتنع أن يكون ذلك المتحيز غير العالم ، لأنّه حينئذ لا يجوز أن يكون داخلا ، لامتناع كون المكان داخلا في المتمكن ؛ ولا يجوز أن يكون خارجا ، لأنّ خارج العالم لا متحيز ، ويمتنع أن يكون ذلك المتحيز هو العالم ، لاقتضائه الدور ، فانّ العالم يكون فيه ، وهو في العالم.
__________________
(١) في المصدر : «بانا».
(٢) قال الطوسي : «وادّعى [الرازي] أنّ ذلك محال ولم يأت فيه بحجّة. ولعلّه قال ذلك ، لأنّه تخيل أنّه قول بكون الموجود معدوما وذلك محال. واعتراضه ذلك باطل ، لأنّ ذلك يقتضي كون الجسم في مكان هو أمر عدمي ، وليس ذلك بممتنع». نقد المحصل : ٢٠٤.
(٣) قال الطوسي : «وقد وقع هاهنا ، في النسخ التي وقعت إلينا ، ترك ذكر امتناع كون المكان حالا في متحيز ...» نفس المصدر.