وجوابه : أنّ الدور يلزم لو كانت لفظة «في» بمعنى واحد ، لكنّها هاهنا تدل بالاشتراك على شغل الحيز وعلى القيام بالمحل ، فلا دور.
ولا يلزم من كون المكان جسما افتقاره إلى مكان لصحة الحركة عليه ، فيلزم عدم نهاية الأجسام ؛ لأنّ اللازم منه إمّا الانتهاء إلى جسم لا تصحّ عليه الحركة ، أو وجود أجسام لا نهاية لها. (١)
وفيه نظر ، فانّ الأزل كما ينافي حركة شخصه كذا ينافي وجود حركة قبلها حركة إلى ما لا يتناهى ، لاستحالة استمرار شخص ما منها ، فاستحال استمرار الكلي لما عرفت من أنّ الكلي لا يوجد إلّا مشخصا.
ومنه يظهر أنّ النوع يجب أن يكون مسبوقا بالعدم ، ثمّ ماهية الحركة النوعية إذا تركبت من أمرين أحدهما سابق على الآخر لم يجز أن يقال : إنّ تلك الماهية باقية مع السابق واللاحق ، وليس المرجع في تركبها من أمر تقضّى وأمر حصل إلى تركب أشخاصها ، بل ماهية الحركة من حيث نوعها وشخصها إنّما تعقل مع التقدم والتأخر ، لأنّها ماهية إنّما تحصل يسيرا يسيرا لا دفعة.
وتفسير الحركة بالأمر الإضافي تفسير للشيء بلازمه وهو غير مستبعد ، كما يفسر الإنسان بأنّه الذي يمشي على قدميه.
ومجموع الحركة لا يجوز أزليا لتركبه من الحوادث ونمنع سبق المركّب على أجزائه وكذا النوع على ما عرفت ، فقد تخلفا عن مؤثرهما.
والشروط العدمية إنّما هي شروط لأمور اعتبارية هي العلية.
واستمرار نوع الحركة قد بيّنا امتناعه في الأزل ، فلم يبطل أصل الدليل.
والعدمي علّة لمثله.
__________________
(١) انتهى كلام الطوسي في نقد المحصل : ٢٠١ ـ ٢٠٥. مع تصرفات من المصنف.