منك ، نقل انّ الآية نزلت في حنظلة بن ابى عيّاش وذلك انّه تزوّج في اللّيلة الّتى كانت في صبيحتها حرب أحد فاستأذن رسول الله (ص) ان يقيم عند اهله فأنزل الله عزوجل هذه الآية فأقام عند اهله ، ثمّ أصبح وهو جنب فحضر القتال واستشهد فقال رسول الله (ص) : رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صفائح من فضّة بين السّماء والأرض فكان سمّى غسيل الملائكة (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ) اى دعاءكم ونداءكم للرّسول (ص) (بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) بان تذكروا اسمه أو كنيته أو تنادوه بصوت رفيع بل اخفضوا من أصواتكم عنده ولا تذكروه باسمه وكنيته بل اذكروه بألفاظ التّعظيم مثل يا رسول الله (ص) ، ويا نبىّ الله (ص) ، وأمثال ذلك ، ولا تقولوا : يا محمّد (ص) ، ويا أبا القاسم (ص) كما في الخبر ، نسب الى الصّادق (ع) انّه قال : قالت فاطمة (ع) : لمّا نزلت هذه الآية هبت رسول الله (ص) ان أقول له : يا أبه ، فكنت أقول : يا رسول الله (ص) فأعرض عنّى مرّة أو ثنتين أو ثلاثا ثمّ اقبل علىّ فقال : يا فاطمة (ع) انّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك ، أنت منّى وانا منك ، انّما نزلت في أهل الجفاء ، والغلظة من قريش من أصحاب البزخ والكبر ، قولي : يا أبه ، فانّها أحيى للقلب وارضى للرّبّ ، والمعنى لا تجعلوا دعاء الرّسول (ص) لكم أو عليكم بالخير أو الشّرّ كدعاء بعضكم بعضا للغير أو على الغير في جواز عدم الاجابة أو كدعاء بعضكم الله لبعض أو على بعض ، أو المعنى لا تجعلوا دعاء الرّسول (ص) لكم الى امر كجهاد وغيره كدعاء بعضكم بعضا (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ) لفظة قد للتّحقيق (الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ) انسلّ وتسلّل انطلق في استخفاف يعنى يعلم الله الّذين ينطلقون من الجهاد في استخفاف وهو ان بحيث لا يطّلع عليه أحد أو ينطلقون من المسجد كذلك فانّه نقل انّ المنافقين كانوا يثقل عليهم خطبة النّبىّ (ص) يوم الجمعة فيلوذون ببعض أصحابه فيخرجون من المسجد استتارا من غير استيذان ، وقيل : كانوا يتسلّلون من الجهاد (لِواذاً) مفعول له أو مفعول مطلق بحذف مضاف اى تسلّل لو إذ أو حال واللّوذ بالشّيء الاستتار والاحتصان به كاللّواذ مثلّثة واللّياذ والملاوذة (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) اى عن امر الله أو عن امر الرّسول (ص) (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) بليّة أو امتحان يظهر ما في قلوبهم من النّفاق في الدّنيا (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة أو كلاهما في الدّنيا أو في الآخرة أو في كلتيهما (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بعد ما حذّرهم بالعذاب على مخالفة امره حقّق ذلك بأنّه قادر عليه ولا مانع له منه لكون الكلّ مملوكين له من غير مانع (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من الأفعال والأحوال والأخلاق والنّيّات والخطرات والمكمونات الّتى لا استشعار لكم بها ، وهذا تعميم لعلمه تعالى بعد تخصيصه بالّذين يتسلّلون وتأكيد لتحذيرهم بانّه عالم بجميع ما كنتم عليه (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) عطف على محذوف اى يعلم الآن ويوم يرجعون أو عطف على ما أنتم عليه أو ظرف لفعل محذوف بقرينة قوله (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أو ظرف لينبّئهم ، وتخلّل الفاء امّا بتوهّم امّا ، أو بتقديرها ، أو لفظة الفاء زائدة فلا تمنع من عمل ما بعدها في ما قبلها ، وعلى اىّ تقدير يكون الكلام التفاتا من الخطاب الى الغيبة (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تعميم آخر لعلمه تعالى.