تكون حسنة النّفس وهذا هو معنى تبديل السّيّئات حسنات ، كما انّ محو السّيّئات وتكفيرها وغفرانها عبارة عن ازالة حدودها بلا تعمّل أو بتعمّل وستر حدودها فالتّائب على يد علىّ (ع) ان كان لنفسه فعليّة مسخّرة للشّيطان تبدّل تلك الفعليّة بمعنى ان تجعل تلك الفعليّة مسخّرة للرّحمن ، وان كان لنفسه نقائص وحدود تزال تلك الحدود ان كانت يجوز زوالها بتفاوت الزّوال بالتّعمّل وعدمه والّا تغفر وتستر (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) يعنى يغفر له ما لم يبدّل ولم يزل من الحدود اللّازمة لوجوده (رَحِيماً) يتفضّل عليه برحمته بعد التّبديل والغفران (وَمَنْ تابَ) على يد محمّد (ص) أو يد علىّ (ع) بالتّوبة العامّة أو بالتّوبة الخاصّة (وَعَمِلَ صالِحاً) بالوفاء بعهده الّذى أخذ عليه في توبته وبيعته (فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) كما قال (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) بطريق الحصر وسرّ ذلك انّ الخلفاء حين التّوبة والبيعة ينسلخون عن غواشي الطّبع وانانيّاتهم ويصيرون آلات لله من غير مداخلة انانيّاتهم في تلك البيعة فالقابل للتّوبة والأخذ للميثاق حين البيعة هو الله تعالى بتوسّط مظاهره الّذين هم كالآلات لله (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) الزّور الكذب والشّرك بالله تعالى وأعياد اليهود والنّصارى ومجلس الغناء وما يعبد من دون الله والكلّ مناسب هاهنا ، والتّحقيق انّ الزّور كلّ عمل أو عامل كان منحرفا عن الطّريق وعن ولاية علىّ (ع) ، ومن صار عبدا للرّحمن لا يحبّ بل يبغض الزّور فلا يشهده (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا) بمقتضى عبوديّتهم (كِراماً) لا يرغبون فيه ولا يهتكون حرمة صاحبه (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) التّدوينيّة والتّكوينيّة الموجودة في الآفاق أو الأنفس وخصوصا الآيات العظمى سواء ذكّرهم بشر مثلهم أو نبىّ أو امام أو ملك أو الله تعالى في اليقظة أو النّوم (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها) لم يسقطوا عليها (صُمًّا وَعُمْياناً) كأكثر النّاس الّذين لا يتذكّرون من الآيات الّا جهاتها الدّنيويّة الموافقة لاهويتهم وآمالهم وكانوا صمّا وعميانا من جهاتها الاخرويّة (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ) بمقتضى حفظهم لحوق الكثرات ومن جملتها أرحامهم وذوو أنسابهم مستدعين من الله بمقتضى جهتهم الالهيّة (رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) يعنى اجعل لنا قرّة أعين ناشئة من أزواجنا أو اجعل بعض أزواجنا وذرّيّاتنا قرّة أعين لنا واجعل لنا أولادا متولّدة من أزواجنا ومتولّدة من ذرّيّاتنا تكون قرّة أعين لنا ، وقرّة العين بمعنى برده كناية عن السّرور أو عن قرارها عن الاضطراب (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) ولمّا كان كلّ مرتبة إماما لسابقتها وكان من صار عبدا للرّحمن مرتبته بعد مرتبة التّقوى فانّه ما لم يتمّ التّقوى بالفناء التّامّ لا يصير السّالك عبدا للرّحمن كما في قوله (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) استدعوا على وفق مقامهم ان يكونوا إماما للمتّقين امّا بالتّمكين في هذا المقام أو بالبقاء وعدم زواله ، وفي اخبار عديدة انّ الآية في أمير المؤمنين (ع) أو في الائمّة (ع) وفي رواية عن الصّادق (ع) : قد سألوا الله عظيما ان يجعلهم للمتّقين ائمّة فقيل له كيف هذا يا ابن رسول الله (ص)؟ ـ قال : انّما انزل الله واجعل لنا من المتّقين إماما ، وهذا ممّا أسلفنا في اوّل الكتاب من سعة وجوه القرآن بقدر سعة مراتب الخلق ، وانّ القرآن لا مانع من ان يكون نزوله بقراءات مختلفة بحسب اختلاف النّاس (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) يعنى الغرفة المعهودة أو البناء العالي والجنّة العالية (بِما صَبَرُوا) اى بصبرهم أو بالبلايا أو الطّاعات الّتى صبروا عليها (وَيُلَقَّوْنَ) من أمثالهم من المؤمنين أو من الملائكة أو من الله (فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) من ذكر الخاصّ بعد العامّ (خالِدِينَ فِيها) اى في الغرفة فانّ تمام النّعمة بعدم زوالها (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً قُلْ) يا محمّد (ص) لهؤلاء الكفّار بعد إتمام أوصاف عباد الرّحمن وجزائهم ترغيبا لهم في مثلها (ما يَعْبَؤُا) ما يعتدّ (بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا