أو مثل نزول القرآن على قلبك بلسان عربيّ مبين سلكناه في قلوب المجرمين ومع ذلك لا يؤمنون به ، أو مثل سلوك القرآن في قلوب هؤلاء الكفّار حالكونهم متنفّرين منه غير مؤمنين به سلكنا قرآن الولاية في قلوب المجرمين حالكونهم متنفّرين منه (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) ولا ينفع نفسا ايمانها حينئذ ، وأشير في اخبار عديدة الى انّ المراد بالمجرمين بنو أميّة وانّهم لا يؤمنون بعلىّ (ع) حتّى يروا العذاب الأليم (فَيَأْتِيَهُمْ) العذاب الأليم (بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بمجيئه لعدم تقدّم امارة له (فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) يعنى انّهم قبل مجيئه يستهزؤن به ويستعجلون به استهزاء فاذا جاءهم يسألون النّظرة (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) تهويل وتهديد لهم (أَفَرَأَيْتَ) يا محمّد (ص) أو الخطاب عامّ (إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) عديدة مديدة (ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) من العذاب (ما أَغْنى عَنْهُمْ) شيئا من عذاب الله (ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) في الدّنيا وقد صرّح في اخبار عديدة انّ قوله أفرأيت (الى الآخر) نزلت في بنى أميّة وانّ رسول الله (ص) رآهم في منامه يصعدون منبره بعده يضلّون النّاس عن الصّراط القهقرى فأصبح كئيبا ونزل عليه جبرئيل وسأل عن حزنه فقال (ص) : رأيت في منامي كذا فعرج ثمّ نزل وجاء بهذه الآية تسلية للرّسول (ص) وجاء بسورة انّا أنزلناه تسلية له (ص) بانّ ليلة القدر الّتى أعطيت خير من الف شهر يكون فيها ملك بنى أميّة (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) عطف فيه استدراك توهّم انّ العذاب الجائى بغتة كان ظلما (ذِكْرى) مفعول له واسم للتّذكير (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) معذّبين من غير استحقاق ومن غير تذكير لهم بالعذاب (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ) اى بالقرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) (الشَّياطِينُ) كما زعم المشركون انّ القرآن النّازل على محمّد (ص) من قبيل ما يلقيه الشّيطان على الكهنة (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ) ان ينزّلوه يعنى ليس شأن القرآن الّذى هو كلام الله والآتي به هو الملك والمتلقّف محمّد (ص) الّذى هو أعلى من الملك ان يلقّنه الشّياطين ولا الشّياطين يقدرون ان يأخذوه وينزّلوه لانّ الشّياطين عالمهم ظلمانىّ أسفل العوالم والقرآن ومحمّد (ص) والملائكة عالمهم نورانىّ أعلى العوالم فاذا وصل القرآن الى الشّياطين فرّوا بل هلكوا كما قيل :
ديو بگريزد از آن قوم كه قرآن خوانند
(إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ) اى سمع القرآن وكلام الملك (لَمَعْزُولُونَ) فانّ قول الملك وخطاب القرآن شهاب رادع للشّيطان (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ) يعنى إذا كان القرآن من الله من غير شراكة لغيره ، أو إذا كان ولاية علىّ (ع) من الله فلا تدع مع الله أو مع علىّ (ع) (إِلهاً) اى معبودا أو ذا ولاية (آخَرَ) وهذا على : ايّاك اعنى واسمعي يا جارة (فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) مثل بنى أميّة الّذين عدلوا عن علىّ (ع) الى غيره فحتم لهم عذاب اليم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) خصّ العشيرة الأقربين مع انّه مأمور بإنذار الخلائق أجمعين ، امّا لانّهم أقرب الى القبول من غيرهم فاذا انذروا قبلوا لمناسبة القرابة بينهم وبينه ولاطّلاعهم على خفايا أحواله وانّه لا مداهنة فيه ولا يطلب الدّنيا دون غيرهم ، أو لانّهم ان آمنوا سهل عليه (ص) دعوة الغير وسهل على الغير قبول دعوته لاستظهاره بهم واعانتهم له ومشاهدة الغير لايمان المطّلعين على خفايا أحواله ، وان لم يؤمنوا تنفّر عنه الأباعد مستدلّين بأنّه ان كان حقّا كان اتّباعهم له اولى من اتّباعنا ، أو لانّه ان انذر عشيرته يعلم انّه الهىّ وانّه بدأ بعشيرته فلا يدع غير عشيرته ، أو لانّه يمكنه جمعهم وإنذارهم دون غيرهم ، وقد نقل من طريق العامّة والخاصّة انّ محمّدا (ص) بعد نزول هذه الآية قال لعلىّ (ع) : يا علىّ اصنع لهم غذاء فصنع غذاء قليلا فجمعهم رسول الله (ص) في الشّعب فأكلوا كلّهم من ذلك الغذاء القليل وشبعوا فبدرهم