له لتذكرة ، أو منصوب بنزع اللّام وتعليل لتشقى أو ليخشى ، ووجه افراد الأرض وجمع السّماوات وبيان مصاديق كلّ قد مضى في اوّل الانعام ، وتقديم الأرض على السّماوات مع انّها أشرف وأقدم من الأرض لمراعاة رؤس الآي ، ولانّ الآية لبيان تشريف التّنزيل بإضافته الى من هو وسيع الخلق قوىّ القدرة وهذا المعنى يقتضي التّرقّى من الأدنى الى الأقوى ، ولتقدّم الأرض على السّماوات في العالم الصّغير وفي الانظار الحسّيّة (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) قرئ الرّحمن مرفوعا مبتدء وعلى العرش خبره ويكون الجملة حالا أو مستأنفا أو يكون على العرش متعلّقا باستوى واستوى خبره وعلى الاوّل فاستوى مستأنفة أو حال أو خبر بعد خبر ، وقرئ مرفوعا مقطوعا عن الوصفيّة خبرا لمبتدء محذوف ، وحينئذ يكون على العرش حالا أو خبرا بعد خبر ، أو جملة بتقدير مبتدء ، ومستأنفة ، وهكذا الحال في استوى وقرئ بالجرّ صفة لمن خلق الأرض ، وعلى العرش حينئذ يكون حالا أو متعلّقا باستوى ، أو جملة مستأنفة بتقدير مبتدء محذوف ويجرى الوجوه السّابقة في استوى ، وقد مضى في سورة الأعراف بيان تامّ لاستواء الرّحمن على العرش ولوجه خلق السّماوات والأرض في ستّة ايّام (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) الجملة مستأنفة في موضع التّعليل فانّه لمّا ذكر انّه خالق السّماوات والأرض وانّه مستوى النّسبة الى الجليل والقليل والكثير والحقير اجمالا أراد أن يعلّل ذلك بنحو التّفصيل فقال ، لانّ له بدوا وغاية وملكا السّماوات جميعا وما فيها والأرض وما فيها لانّه سبق مكرّرا انّ نسبة شيء الى مظروف تشتمل النّسبة الى الظّرف خصوصا إذا كان المظروف أشرف من الظّرف وما بينهما من عالم البرزخ أو من النّفوس المتعلّقة بهما الغير المنطبعة فيهما ويكون المراد بما فيهما المنطبعات والمكمونات فيهما وما تحت الثّرى من عالم الجنّة أو من القوى والاستعدادات البعيدة المكمونة الّتى لا يعلمها الّا الله (وَإِنْ تَجْهَرْ) يا محمّد (ص) أو يا من يتأتّى منه الخطاب وهو عطف على قوله له ما في السّماوات وتعليل آخر لشمول علمه وسعته وتصريح بإحاطة علمه بعد التّلويح اليه أو جملة حاليّة والمعنى ان تجهر (بِالْقَوْلِ) يعلمه (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) فكيف لا يعلم الجهر ، والسّرّ ما أخفيته في نفسك ، وأخفى ما خطر ببالك ثمّ نسيته كما في الخبر ، أو السّرّ ما كان مخفيّا عن غيرك ، وأخفى ما كان مكمونا عن نفسك ولم تطّلع أنت ولا غيرك عليه (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) استيناف وتعليل وحصر للآلهة فيه تصريحا بعد ما افاده تلويحا (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) تعليل آخر لعموم جملة صفاته المستفاد اجمالا فانّه ان لم يكن جملة الصّفات الكماليّة ثابتة له أو كان بعض صفاته غير محيطة كان اسم تلك الصّفة واسم كمال هذه مسلوبا عنه فلم يكن الأسماء الحسنى محصورة فيه (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) عطف على ما أنزلنا لانّ الاستفهام للتّقرير فهو بمنزلة قد أتيك أو مستأنفة ، والمقصود تذكيره (ص) بحكاية موسى (ع) حتّى يكون تسلية له (ص) عن أذى قومه وحملا له على الصّبر على متاعبهم وتجرئة على دعوتهم من غير تأمّل في قبولهم وردّهم ، ومن غير خوف من لومهم وإيذائهم ، وتقوية لتوكّله واعتماده على ربّه (ص) وترغيبا في التّوسّل به والانقطاع من كلّ من سواه يعنى تذكّر حكاية موسى (ع) (إِذْ رَأى ناراً) بدل من حديث موسى (ع) أو ظرف له وسيجيء في سورة القصص حكاية حال موسى (ع) وتولّده ونشؤه وفراره الى مدين وتزويج ابنة شعيب (ع) ورجوعه الى مصر (فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) فانّه بعد رجوعه من مدين ضلّ الطّريق في ليل مظلم وأصابهم برد شديد وريح وتفرّقت غنمه وأخذ زوجته الطّلق فرأى نارا فقال لأهله : امكثوا (إِنِّي آنَسْتُ ناراً) اى رأيتها بحيث اطمأنّ قلبي وسكن وحشتي (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ) بقطعة (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ