به الى الجنّة ونعيمها أو الى الله وقربه من الأعمال الحسنة أو من جاء بوصف الاهتداء الى الدّين وهذا جواب لادّعاء كان مذكورا فانّهم كثيرا كانوا ينسبون محمّدا (ص) الى الضّلال أو جواب لسؤال ناش من قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) (الآية) كأنّه قيل : من الّذى يجيء بالحسنة؟ ومن الّذى يجيء بالسّيّئة؟ ـ (وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) وخالف بين الفقرتين لإيهام انّ الضالّ واقف في جهنّام نفسه ، والمهتدى مهاجر من دار شركه الى ربّه (وَما كُنْتَ) عطف باعتبار المعنى فانّ المقصود من قوله : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ) (الآية) تسليته كأنّه قال : أنت على الهدى وما كنت (تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ) يعنى النّبوّة والقرآن (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) استثناء مفرّغ في موضع التّعليل أو منصوب بنزع الخافض اى الّا برحمة من ربّك أو استثناء منقطع والمعنى لكن أعطيت الكتاب رحمة من ربّك (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) فانّ الكتاب نعمة والنّبوّة نعمة عظيمة فلا تصرفهما في أعداء المعطى ، وهذه وما بعدها خطاب له (ص) على ايّاك اعنى واسمعي يا جارة (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ) التّكوينيّة من احكام الرّسالة وغرائب الآخرة بان لا تعمل بها وتنسيها وعن آياته التّدوينيّة بان لا تعمل بها وتتركها (بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) بالقول بتذكير الآيات وبالافعال والأخلاق والأحوال بالعمل بالآيات ، أو المعنى ولا يصدّنّك عن آيات الله النّازلة في علىّ (ع) وادع الى علىّ (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بولاية علىّ (ع) (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) من الأصنام والكواكب والاهوية ، أو لا تدع مع علىّ (ع) في ولايته وليّا آخر وهذه تأكيد لقوله : ولا تكوننّ من المشركين (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) تعليل للنّهيين السّابقين (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ) تعليل لقوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَّا وَجْهَهُ) اى الّا وجه الله أو وجه ذلك الشّيء وان كان رجوع الضّمير الى الله جاز ان يكون المراد وجه الله الّذى به يتوجّه الى الأشياء وان يكون وجه الشّيء الّذى به يتوجّه الى الله يعنى كلّ شيء هالك الّا وجه ذلك الشّيء الّذى به يتوجّه الى الله فيكون الاضافة لأدنى ملابسة. اعلم ، انّ الوجه اسم لما يتوجّه به ولا اختصاص له بوجه بدن الإنسان وانّ في كلّ شيء لطيفة غيبيّة الهيّة هي مقوّمة لذلك الشّيء ، ومبقية ومشخّصة له ، وهي فاعليّته تعالى وقضاءه وعلمه ، وتلك اللّطيفة هي تحفظه وتربّيه وتبلّغه الى كماله الخاصّ به ان لم يعقه عائق ، والى تلك اللّطيفة أشار من قال بالفارسيّة :
يكى ميل است با هر ذرّه رقّاص |
|
كشاند ذرّه را تا مقصد خاص |
دواند گلخنى را تا بگلخن |
|
رساند گلشنى را تا بگلشن |
وإليها أشار الآخر بقوله :
گر ز چاهى عكس ماهى وانمود |
|
سر بچه در كرد وآنرا مى ستود |
در حقيقت مادح ماه است أو |
|
گر چه جهل أو بعكسش كرد رو |
مدح أو مه راست نى آن عكس را |
|
كفر شد آن چون غلط شد ماجرا |
وهذه اللّطيفة هي الّتى بها يتوجّه الأشياء الى غاياتها وكمالاتها الخاصّة بها ، وبها يتوجّه الإنسان الى الآخرة والى الله تعالى والى خلفائه (ع) ، وبها يتوجّه الله الى الأشياء والى الإنسان فتلك اللّطيفة بوجه وجه الأشياء وبوجه وجه الله ، ولمّا كانت تلك اللّطيفة هي المسمّاة بالولاية التّكوينيّة المعبّر عنها بالحبل من الله وهي ما بها توجّه الأشياء تكوينا ، وللإنسان توجّه آخر تكليفىّ وذلك التّوجّه التّكليفىّ لا يكون الّا بالولاية التّكليفيّة المعبّر عنها بالحبل من النّاس لانّها لا تحصل الّا بتوسّط المظاهر البشريّة بالبيعة الخاصّة الولويّة وبها يدخل الايمان في القلب ويحصل نسبة الابوّة والبنوّة بين المظاهر وبايعيهم صحّ تفسير الوجه في الآية بالدّين اى الولاية التّكليفيّة أو الحاصل بالولاية التّكليفيّة