استفهاميّة مفعول تدعون (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب الّذى لا يغلبه شيء حتّى يكون معبودا من دونه (الْحَكِيمُ) الّذى صنع صنع المخلوقات بنحو لا تكون خالية منه ومع ذلك لا يدركه الّا قليل من عباده فيها للطفه في صنعه وهذا المعنى يناسب كون ما نافية (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) اى مثل العنكبوت ونظائره ، أو مثل العنكبوت وأمثال الأمم الماضية وأنبيائهم (ع) (نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) لتنبيههم وتذكيرهم (وَما يَعْقِلُها) اى ما يدركها من جهة المقصود منها والنّظر الى غاياتها (إِلَّا الْعالِمُونَ) الّذين فتح الله عليهم باب العلم بولاية علىّ (ع) الحاصلة لهم بالبيعة الخاصّة الولويّة ، وامّا غيرهم فلا يدركون من الأمثال والأسمار والحكايات الّا ظواهرها الّتى هي مبعّدة لهم عن المقصود ومدركة بالخيال دون العقل ، عن النّبىّ (ص) انّه تلا هذه الآية فقال : العالم الّذى عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) قد مضى مكرّرا هذه الآية (إِنَّ فِي ذلِكَ) اى في خلق السّماوات والأرض بحيث يتمّ بخلقهما امر المواليد واستمرار الفيض من الواهب الفيّاض بحيث لولاهما لما استتمّ امر المواليد ولما استمرّ الفيض ولما وجد غاية الإيجاد وهو الإنسان أو في خلق السّماوات والأرض متلبّسات بالغايات الحقّة أو بالتّنضيدات الحقّة الّتى لا شوب باطل فيها (لَآيَةً) عظيمة أو المراد بها الجنس اى آيات عديدة (لِلْمُؤْمِنِينَ) بالبيعة العامّة أو الخاصّة أو للمذعنين بالله والآخرة (اتْلُ) جواب لسؤال مقدّر كما انّ قوله تعالى (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) (الآية) كان جوابا لسؤال مقدّر كأنّه قيل : هل لتعقّل الأمثال آية ومنبّه؟ ـ فقال جوابا : خلق الله السّماوات والأرض بالحقّ وفي خلقهما آيات عديدة منبّهة على تعقّل الأمثال كما انّ فيها آيات عديدة دالّة على مبدء عليم حكيم قدير مريد رحيم رؤف وكأنّه قيل بعد ذلك : هل لنا منبّه على تذكر الآيات المودعة في خلق السّماوات والأرض؟ ـ فقال تعالى : اتل خطابا لمحمّد (ص) على : ايّاك اعنى واسمعي يا جارة أو خطابا عامّا (ما أُوحِيَ إِلَيْكَ) بتوسّط جبرئيل أو ما اوحى إليك بسبب محمّد (ص) (مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ) حتّى تستعدّ لتذكّر الآيات وتمتّع من الملاهي الّتى تحجبك عن تذكّر الآيات (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قد مضى في اوّل البقرة وفي سورة النّساء عند قوله (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) تفصيل لمعانى الصّلوة ومراتبها وإقامتها ، ولمّا كانت الصّلوة القالبيّة بالمواضعة الالهيّة مانعة من الاشتغال بغيرها ولو كان مباحا كانت ناهية عن الفحشاء والمنكر القالبىّ بالمواضعة ، والصّلوة القلبيّة المأخوذة من صاحب اجازة الالهيّة تكون مانعة عن الفحشاء والمنكر في مرتبة القلب ، وكذلك الصّلوة الصّدريّة الّتى هي السّكينة القلبيّة المسمّاة بالفكر والحضور عندهم وهي ملكوت ولىّ الأمر واوّل مقام معرفة علىّ (ع) بالنّورانيّة تنهى حالا أو باللّسان عن جملة الفحشاء والمنكر ، وصلوة المصلّى الّذى هو مستغرق في شهود جمال الوحدة ناهية له عن الالتفات الى غير الله وهذا الالتفات هو منكره في ذلك المقام ، والصّلوة الّتى هي عبارة عن الرّسول (ص) أو الامام (ع) تنهى عن الفحشاء والمنكر اللّذين هما مقابلان لهما من أصناف البشر وقد فسّر الصّلوة بكلّ وفسّر الفحشاء والمنكر بأعداء الرّسول (ص) والامام (ع) ، نقل : انّها ما لم تنه الصّلوة عن الفحشاء والمنكر لم تزدد من الله عزوجل الّا بعدا ، وروى انّ فتى من الأنصار كان يصلّى الصّلوات مع رسول الله (ص) ويرتكب الفواحش ، فوصف ذلك لرسول الله (ص) فقال : انّ صلوته تنهاه يوما ، فلم يلبث ان تاب ، وعلى هذا كان معنى الآية انّ الصّلوة تنهى في المستقبل صاحبها عن الفحشاء والمنكر (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) ان أريد بالصّلوة الصّلوة القالبيّة كان المراد بذكر الله ذكر الله للعبد ، أو الذّكر القلبىّ ، أو الذّكر الّذى هو الفكر ، أو ذكر أوامره ونواهيه عند كلّ فعال الّذى يحمل العبد على الامتثال والانتهاء ، وان كان المراد الصّلوة القلبيّة كان المراد بذكر الله ذكر الله للعبد أو واحد ممّا ذكر بعد الذّكر القلبىّ وهكذا الحال في سائر مراتب الصّلوة ، وان كان المراد بالصّلوة الرّسول (ص)