على الاكل والشّرب وكيفيّتهما والوقاع والشّكل والنّوع وهكذا في البرازخ وفي القيامة وحين ظهور كلّ بصورته الملكوتيّة الّتى يحشر عليها يتفرّقون أنواعا مختلفة واشكالا متخالفة فبعضهم يحشرون على صور الخنازير بل على صور يحسن عندها القردة والخنازير ، وبعضهم على صور الكلاب وسائر السّباع ، وبعضهم على صور الحشرات ، وبعضهم على أحسن الصّور ، ويتفرّقون الى مقاماتهم في الجنّة والنّار (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) تفصيل لتفرّقهم اجمالا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) من احبره إذا سرّه أو أنعم عليه (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) قالا كالطّبيعيّين والدّهريّين ومنكري المعاد أو حالا كأكثر النّاس (فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) في العذاب ظرف لغو متعلّق بمحضرون أو مستقرّ حال عن فاعله (فَسُبْحانَ اللهِ) جواب لشرط مقدّر وسبحان مصدر في معنى التّسبيح أو بمعناه اللّازم ومقدّر بفعل الأمر اى إذا كان الأمر هكذا فسبّحوا الله أو فليسبّح الله سبحانا (حِينَ تُمْسُونَ) تدخلون في المساء (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) اى تدخلون في الصّباح وهما وقتا اختلاط النّور والظّلمة (وَلَهُ الْحَمْدُ) جملة حاليّة أو خبر في معنى الإنشاء وعطف على سبحان الله (فِي السَّماواتِ) سماوات الطّبع وسماوات الأرواح (وَالْأَرْضِ) ارض الطّبع وارض عالمي المثال (وَعَشِيًّا) وقت العصر وهو وقت دخول فضيلة صلوة العصر الى آخر النّهار (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) تدخلون في الظّهر وهو ساعة الزّوال أو المراد وقت ارتفاع الشّمس الى انقضاء وقت فضيلة صلوة الظّهر ، خصّ التّسبيح بالمساء والصّباح لانّ هذين وقت اختلاط النّور والظّلمة وأنموذج اختلاط ظلمة الطّبع ونور الرّوح وظلمة المقام الدّانى ونور المقام العالي ، وينبغي للإنسان حينئذ تنزيه لطيفته الانسانيّة الّتى هي أنموذج الله واسمه تعالى عن الظّلام بخلاف أوقات النّهار فانّها أوقات استواء النّور من دون اختلاط الظّلام ، ولا حاجة للإنسان الى تنزيه اللّطيفة حينئذ ، ولم يذكر السّماوات لانّ السّماوات مقام تنزّه الله والواقع في تلك المقام لا حاجة له الى تنزيه ولم يذكر الأرض اتّباعا لعدم ذكر السّماوات لانّ السّماوات مقام تنزّه الله والواقع في تلك المقام لا حاجة له الى تنزيه ولم يذكر الأرض اتّباعا لعدم ذكر السّماوات والّا فالواقع في الأرض محتاج الى تنزيه اللّطيفة الانسانيّة ، ويجوز ان يكون قوله عشيّا وحين تظهرون عطفا على حين تمسون ، ويكون اشارة الى استغراق التّسبيح لجميع الأوقات واستغراق الحمد لجميع الأمكنة والمقامات ، وعليه قيل : انّ ذكر الأوقات اشارة الى الصّلوات الخمس (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) استيناف جواب لسؤال مقدّر ناش من السّابق (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) قد مضى الآية في سورة يونس مع تفسيرها (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) يعنى يحيى ارض الطّبع في العالم الكبير بانبات نباتها بتهييج العروق المكمونة والحبوب المستورة فيها ، وإنباتها بأنواع النّبات والأشجار وقت الرّبيع ، وارض العالم الصّغير بإحياء قواها الارضيّة الدّاثرة بالحيوة الانسانيّة ، الباقيّة بعد موتهما في الشّتاء ، وحين الصّبا وبعده الى زمان البيعة بإحدى البيعتين (وَكَذلِكَ) اى مثل إخراج الحىّ من الميّت وإخراج الميّت من الحىّ وإخراج النّبات من الأرض بإرسال الأمطار عليها (تُخْرَجُونَ) في النّفخة الثّانية أو تكون في الخروج من اوّل انعقاد نطفكم واولى موادّكم فانّه تعالى لا يزال من اوّل انعقاد النّطفة في الرّحم يخرج آنا فآنا المكمونات الّتى تكون بالقوّة في النّطفة الى الظّهور والفعليّة ، أو مثل احياء الأرض بإخراج نباتها وقواها المكمونة فيها تخرجون ، وقرئ تخرجون مبنيّا للمفعول ومبنيّا للفاعل من الثّلاثىّ المجرّد ، ورد عن الكاظم (ع) بيانا لوجه من وجوه الآية في قوله : يحيى الأرض بعد موتها ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل ولاقامة الحدّ فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا (وَمِنْ آياتِهِ) عطف على جملة يخرج الحىّ فانّه في معنى قوله من آياته ان يخرج الحىّ من الميّت (أَنْ خَلَقَكُمْ