المفعول ومن كان متّهما في نسبه ، نزلت في زيد بن حارثة الكلبىّ عتيق رسول الله (ص) وسبب ذلك على ما نقل عن القمى عن الصّادق (ع) انّ رسول الله (ص) اشترى زيدا بعد تزويجه خديجة (ع) فلمّا نبّئ (ص) دعا زيدا الى الإسلام فأسلم وكان يدعى مولى محمّد (ص) فأتى حارثة أبا طالب (ع) وقال له : قل لابن أخيك : امّا ان يبيعه ، وامّا ان يفاديه ، وامّا ان يعتقه ، فلمّا قال ذلك أبو طالب (ع) لرسول الله (ص) قال: هو حرّ لوجه الله فليذهب حيث شاء ، فقام حارثة وأخذ بيد زيد وقال : يا بنىّ الحق بشرفك وحسبك فقال : لست أفارق رسول الله (ص) أبدا فغضب أبوه وقال : يا معشر ـ قريش اشهدوا انّى برئ منه وليس هو إبني فقال رسول الله (ص) : اشهدوا انّ زيدا إبني ارثه ويرثني وكان يدعى زيد بن محمّد (ص) فلمّا هاجر رسول الله (ص) زوّجه زينب بنت جحش وأبطأ عنه يوما فأتى رسول الله (ص) منزله فاذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيبا بفهر لها ، فنظر إليها رسول الله (ص) وكانت جميلة فوقعت في قلب رسول الله (ص) فقال : سبحان خالق النّور وتبارك الله أحسن الخالقين ، ثمّ رجع وجاء زيد الى منزله فأخبرته زينب بما وقع فقال زيد : هل لك ان اطلّقك حتّى يتزوّجك رسول الله؟. فقالت : أخشى ان تطلّقنى ولم يتزوّجنى رسول الله (ص) فجاء زيد الى رسول الله فقال : هل لك ان اطّلق زينب حتّى تتزوّجها؟ ـ فقال : لا ، اذهب واتّق الله وأمسك عليك زوجك ثمّ حكى الله عزوجل فقال : أمسك عليك زوجك واتّق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى النّاس والله احقّ ان تخشاه فلمّا قضى زيد منها وطرا زوّجناكها (الى قوله) وكان امر الله مفعولا فزوّجه الله تعالى من فوق عرشه فقال المنافقون : يحرّم علينا نساء أبنائنا ويتزوّج امرأة ابنه زيد ، فأنزل الله عزوجل في هذا : وما جعل أدعياءكم أبناءكم (الى قوله) يهدى السّبيل وسيأتى في هذه السّورة اخبار أخر في كيفيّة تزويج رسول الله (ص) زينب لزيد ولنفسه (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) من غير اعتقاد لكم به ومن غير حقيقة له في الواقع فلا تأثير لهذا القول في ترتّب الأحكام الشّرعيّة (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) الثّابت الّذى له حقيقة في نفس الأمر وينبغي ان يعتقد (وَهُوَ) لا غيره (يَهْدِي السَّبِيلَ) الى الحقّ (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) بان تقولوا زيد بن حارثة دون غير آبائهم وان كان الغير يدعونهم أبناءهم (هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) اعدل من غير شوب ظلم وتجاوز عن الحقّ (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) فادعوهم إخوانا (وَمَوالِيكُمْ) فادعوهم احبابا (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) بدعائهم الى غير آبائهم قبل النّهى أو بعد النّهى بالنّسيان عن النّهى أو بسبق اللّسان (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) اى فيما تعمّدت قلوبكم أو ما تعمّدت قلوبكم مبتدء خبره محذوف (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) يغفر للمخطئ وللمتعمّد بعد التّوبة ويرحمه تفضّلا منه عليه (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) مستأنف جواب لسؤال ناش من نفى بنوّة زيد لمحمّد (ص) وانّ نسبة البنوّة لمحمّد (ص) قول بأفواههم من غير حقيقة له كأنّه قيل : إذا لم يكن لنسبة بنوّة زيد الى محمّد (ص) حقيقة فما النّسبة بينه وبين أمّته حتّى يقال : انّه ابو أمّته؟ ـ فقال تعالى جوابا لهذا السّؤال : انّ المنفىّ هو الابوّة الجسمانيّة والأحكام الشّرعيّة القالبيّة من حرمة نكاح حليلة الابن انّما هي للابوّة والبنوّة الجسمانيّتين وامّا الابوّة الرّوحانيّة الّتى تحصل بحصول صورة من الأب في وجود الابن بواسطة البيعة العامّة أو الخاصّة وبتلك الصّورة يحصل نسبة الابوّة والبنوّة فانّما هي ثابتة له (ص) بالنّسبة الى كلّ الامّة ، ولمّا كانت تلك الكيفيّة الحاصلة بالبيعة صورة نازلة منه (ص) وهي تصير الفعليّة الاخيرة للابن وشيئيّة الشّيء تكون بالفعليّة الاخيرة وتلك الفعليّة تكون اولى باسم ذلك الشّيء من سائر فعليّاته السّابقة لاستهلاكها تحت تلك الفعليّة وتكون تلك الفعليّة صورة نازلة من محمّد (ص) كان محمّد (ص) اولى