على الأنبياء (ع) ، أو المراد الملائكة النّازلة على المؤمنين بالبشارة بعد ظهور السّكينة عليهم ، والسّكينة عليهم ، والسّكينة هي الذّكر العظيم فيكون التّالى من التّلو ، وقيل : المراد الملائكة الّذين يتلون كتاب الله الّذى كتبه لملائكته وفيه ذكر الحوادث فيزيدون يقينا بوجود المخبر على وفق الخبر ، وقيل : المراد المؤمنون يقرؤن القرآن في الصّلوة (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) وحدة خارجة من الوحدات المعروفة بل وحدة لا يبقى كثرة الّا وتكون فانية فيها ، ولا يكون فيها شوب كثرة بوجه من الوجوه بخلاف الوحدة الجنسيّة فانّها في عين الوحدة تكون فيها كثرة الأنواع والأصناف والأشخاص والتّركيب ولا اقلّ من الوجود والمهيّة والوجوب والإمكان وهكذا حال الوحدة النّوعيّة والصّنفيّة والشّخصيّة ، وبخلاف الوحدة العدديّة الّتى لها ثان ومقابل ، وبخلاف الوحدة الاجتماعيّة الطّبيعيّة أو الصّناعيّة أو الاعتباريّة الّتى ليس فيها الّا الكثرة ، وبخلاف الوحدة الاتّصاليّة الطّبيعيّة أو الصّناعيّة أو الاعتباريّة (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) من أصناف الملائكة والكواكب وأصناف المواليد (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) جمع مشرق الكواكب فانّ كلّ كوكب له مشرق خاصّ به ، بمعنى انّ قطعة من الفلك تكون في مدّة دوره مشرقا له ويكون له في كلّ يوم بل في كلّ آن أيضا مشرق خاصّ به ، أو جمع المشرق بمعنى ذي الضّياء فانّ الكواكب كلّها مشرقة امّا بذواتها كالشّمس ، أو بكسبها الضّوء من مشرق آخر كالقمر ، وبحسب التّأويل كلّ مرتبة عالية بالنّسبة الى دانيتها مشرق للشّمس الحقيقيّة ، وكلّ مرتبة عالية متلألئة ومشرق بالنّسبة الى دانيتها والمراتب غير متناهية فالمشارق بهذا المعنى غير متناهية (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) جواب سؤال مقدّر في مقام التّعليل ، أو في مقام بيان الحال والمراد بالسّماء الدّنيا السّماء الطّبيعيّة لا السّماء الدّنيا الى الأرض بالنّسبة الى سائر السّماوات فلا ينافي كون أكثر الكواكب في السّماء الثّامنة ، أو المراد بالسّماء الدّنيا عالم المثال وسماواته ، أو المراد الصّدر المنشرح بالإسلام ، والمراد بالكواكب الكواكب المضيئة الطّبيعيّة أو كواكب القوى والمدارك الجزئيّة والكلّيّة في مراتب نفس العالم الكبير أو نفس العالم الصّغير ، والمدارك المستنيرة بنور الإسلام والايمان مانعة للشّياطين من العروج الى تلك السّماوات والتّصرّف فيها كما قال تعالى (وَحِفْظاً) عطف باعتبار المعنى كأنّه قال : زيّنّاها للزّينة وللحفظ ، أو عطف على مقدّر كأنّه قال : زيّنّاها زينة وحفظا ، أو مصدر لمحذوف معطوف على زيّنّا (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) مرد كنصر وكرم مرودا ومرادة أقدم وعتا ، أو بلغ الغاية الّتى يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصّنف ، ومرده قطعه ومزّق عرضه ، وعلى الشّيء مرن وقد مضى بيان الشّيطان في اوّل الكتاب في تفسير الاستعاذة وسبق في سورة الحجر كيفيّة ردع الشّياطين بالشّهب (لا يَسَّمَّعُونَ) لا يستمعون يعنى لا يقدرون على الاستماع (إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) لا انّهم لا يريدون الاستماع بقرينة ما يأتى وذلك انّهم ظلمانيّون بفطرتهم والملأ الأعلى نورانيّون بفطرتهم ولا يقدر الظّلمة على قرب النّور والّا بطل ذاتها (وَ) إذا أرادوا استراق السّمع (يُقْذَفُونَ) اى يرمون بالشّهب الّتى هذه الشّهب المحسوسة أنموذج منها وصورتها والّا فالشّهب الّتى يرمون بها شهب مناسبة لعالمى المثال يعنى عالم الجنّ وعالم الملائكة (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) اى من جوانب السّماء أو من جوانبهم إذا قصدوا صعود ـ السّماء المحسوسة فانّها لكونها مظهرا لسماء عالم الملائكة لا يقدرون على الصّعود إليها الّا بنحو استراق السّمع فانّهم يصعدون الى قربها لاستراق السّمع ، وهكذا إذا قصدوا صعود سماء عالم المثال الكلّىّ وعالم المثال الجزئىّ الانسانىّ ، ولمّا كان عالم الإنسان نسخة مختصرة من العالم فلينظر المراقب المجاهد ولير صعود الشّياطين الى مقام صدره ولير شهب تذكّراته وطردهم بها عنه حتّى يعلم كيفيّة صعودهم الى سماء العالم الكبير وطردهم عنها بشهبها (دُحُوراً) الدّحر والدّحور بضمّ الدّال الطّرد والابعاد والدّفع وهو مفعول له أو حال بجعله بمعنى مدحورين أو بحمله على الذّات مبالغة ، أو بتقدير ذوي