وذكر قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها للاهتمام بهذين الوقتين (لَعَلَّكَ تَرْضى) قرئ مبنيّا للفاعل ومبنيّا للمفعول (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ) من أصناف النّعم الصّوريّة ومستلذّات القوى الحيوانيّة وهو خطاب لمحمّد (ص) على ايّاك اعنى واسمعي يا جارة ، ويجوز ان يكون الخطاب عامّا على بعد (أَزْواجاً مِنْهُمْ) هو مفعول به لمتّعنا والمعنى لا تمدّن عينيك الى ما متّعنا أصنافا من النّاس أو هو حال من ما أو من ضمير به والمعنى لا تمدّنّ عينيك الى ما متّعنا به حالكونه أصنافا من النّعم والمستلذّات ومنهم حينئذ يكون مفعولا به سواء جعلت من التّبعيضيّة اسما أو قائما مقام الموصوف المحذوف لقوّة معنى البعض فيه (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) منصوب على الذّمّ أو بدل من محلّ ما متّعنا ووجه الإتيان به التّصريح بفناء ما متّعهم به وذمّه وذمّهم والاشعار بانّ المنهىّ النّظر الى ما يتمتّع به في الدّنيا ، وامّا نعيم العقبى أو قرب المولى فينبغي ان يكون مطمح الانظار (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) لنعذّبهم أو نختبرهم لانّ كثرة الأموال سبب لعذاب صاحبه لاهتمامه بجمعها وحفظها حتّى انّهم يحرّمون على أنفسهم الحظوظ البدنيّة لأجل حفظها وجمعها واستنمائها ولخوف فنائها وسرقتها حتّى انّهم يحرّمون طيب المنام لخوف زوالها ولانّ كثرة المال تورث كثرة الحقوق والتّعبّد بأدائها فرضا وندبا والتّقييد به ذمّ آخر وتسلية اخرى للمؤمنين (وَرِزْقُ رَبِّكَ) الّذى أعطاك أو تترقّبه (خَيْرٌ) امّا مجرّد عن التّفضيل أو المقصود تفضيل رزق الرّبّ على زعم من طمح نظره الى متاع الدّنيا وعدّه خيرا ، أو متاع الدّنيا خير بشرط ان يكون مع الايمان (وَأَبْقى) هذا أيضا على زعمهم والّا فلا بقاء لمتاع الدّنيا (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) يعنى اجعل رزق ربّك مطمح نظرك ولا تكتف بنصيب نفسك منه بل اجعل أهلك متوجّهين اليه وطالبين له وأمرهم بالصّلوة الّتى هي أنموذج ذلك الرّزق حتّى يطلبوه ويتوجّهوا اليه ، واهله (ص) كلّ من انتسب اليه بالبيعة العامّة أو الخاصّة ، ومن انتسب اليه بالبيعتين وبالنّسبة الجسمانيّة اولى باهليّته ممّن لم يكن له نسبة جسمانيّة ، ومن انتسب بالبيعتين اولى ممّن انتسب بالبيعة العامّة فقط ، وعلىّ (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) كانوا اولى من غيرهم ولذلك كان (ص) بعد نزول هذه الآية يأتى باب علىّ (ع) الى تسعة أشهر وقت كلّ صلوة ويقول : الصّلوة رحمكم الله ، أو المراد بأهله أصحاب الكساء ولذلك كان يأتى باب علىّ (ع) دون غيره ، وقال ابو جعفر (ع) : امره الله تعالى ان يخصّ اهله دون النّاس ليعلم النّاس انّ لأهله عند الله تعالى منزلة ليست للنّاس فأمرهم مع النّاس عامّة ثمّ أمرهم خاصّة (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) لمّا كان ادامة الصّلوة امرا صعبا لا يتيسّر الّا لمن كان متمكّنا في مقامات الآخرة امره (ص) خاصّة بالصّبر عليها دون اهله ، وأتى بالصّيغة الدّالّة على المبالغة والتّكلّف (لا نَسْئَلُكَ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه (ص) قال : كيف اصطبر على الصّلوة وقد كلّفت رفع حاجتي في المأكول والمشروب والملبوس لنفسي ولغيري من عيالي؟ ـ فقال لا نسألك (رِزْقاً) لنفسك ولغيرك (نَحْنُ) لا غيرنا (نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) عن الاشتغال عن الصّلوة بغيرها ، ولمّا كثر استعمال العاقبة في العاقبة المحمودة صارت بحيث كلّما أطلقت يتبادر منها العاقبة المحمودة (وَقالُوا) عطف على نفتنهم والتّفاوت بالمضىّ والمضارعة للاشارة الى انّ هذا القول وقع منهم ، أو عطف باعتبار المعنى كأنّه قال تعالى فتنّاهم به وقالوا (لَوْ لا يَأْتِينا) محمّد (ص) في ادّعاء نبوّته (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) دالّة على صدقه في نبوّته كأنّهم لم يعتدّوا بما رأوا منه أو حملوه على السّحر (قالُوا) تركهم بلا بيّنة (وَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) يعنى انّه أتى بالقرآن الّذى هو مبيّن