(فَذلِكَ) اسم الاشارة البعيدة لتوهينه وتبعيده عن ساحة الحضور (نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) لآل محمّد (ص) بغصب حقّهم أو الظّالمين بمعنى الحقّ عن المستحقّ وإعطائه لغيره فانّه لا يكون الّا عن الانانيّة الّتى هي نحو آلهة في مقابل الله تعالى ومغايرة له تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) التّقدير الم ينظر الّذين كفروا ولم يروا (أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) يعنى انّ السّماوات والأرض الطّبيعيّتين كانتا منضمّتين مجتمعتين في وجود واحد جمعىّ في مقام المشيّة ، ثمّ في مقام العقول ، ثمّ في مقام النّفوس ففتقناهما في مقام الطّبع وفصّلناهما ، أو سماوات الأرواح وأراضي الأشباح كانتا رتقا في مقام المشيّة والعقول والنّفوس ففصّلناهما ، أو السّماوات والأرض الواقعتين في العالم الصّغير كانتا رتقا في النّطفة والجنين ففتقناهما ، أو السّماوات والأراضي كانتا رتقا غير ممطرة وغير منبتة ففتقناهما بالمطر والنّبات ، وعلى بعض التّفاسير استعمال الرّؤية امّا بجعلها بمعنى العلم ، أو بادّعاء انّ الرّتق والفتق من الحسّيّات أو كالحسّيّات ، وعدم الرّؤية من عدم الالتفات (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) عطف على فتقنا والتّقدير جعلنا من مائها كلّ شيء حىّ بالحيوة الحيوانيّة أو بالحيوة النّباتيّة والحيوانيّة وخلق الحيوان من الماء الّذى هو النّطفة الّتى هي مادّة له وخلق النّبات من الماء الّذى هو سبب لخلقه وانباته ، أو التّقدير جعلنا بعد الفتق من الماء كلّ شيء حىّ (أَ) يعرضون عن تلك الآيات الّتى هي آيات علمه وحكمته وقدرته وتصرّفه تعالى في الجليل والحقير (فَلا يُؤْمِنُونَ) ولا يذعنون به (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) بعد فتقهما (أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) قد سبق الآية بتنزيلها وتأويلها (وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً) جمع الفجّ الطّريق الواسع بين الجبلين ، أو مطلقا كالفجاج بالضّمّ ويستفاد من تنزيل الآية السّابقة وتأويلها بيان هذه (سُبُلاً) بدل من فجاجا (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) الى معايشهم ومصالحهم ومنافعهم ودفع مضارّهم والى بلادهم الصّوريّة ومواطنهم الحقيقيّة (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) من الاندراس والفناء الى الوقت المعلوم ، أو من الوقوع على الأرض ، أو من استراق السّمع (وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) فانّ الآيات الدّالّة على وجود الصّانع وعلمه وحكمته واعتنائه بخلقه وقدرته كثيرة وهم مثل أهل زماننا كانوا لا يعتبرون بها بل كانوا عنها معرضين (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) الّذين هما من آياتها وبها يناط أكثر الآثار السّفليّة ، والجملة عطف على قوله : هم عن آياتها معرضون ، أو حال عن الفاعل المستتر في معرضون أو عن آياتها ، كما انّ قوله وهم عن آياتها معرضون حال عمّا سبق والمعنى جعلنا السّماء سقفا محفوظا كثير الآيات والحال انّهم معرضون عن آياتها غير ناظرين إليها والحال انّا خلقنا اللّيل والنّهار اللّذين هما مشهودان لهم وهما من آيات السّماء ويترتّب عليهما حكم ومصالح كثيرة ولا ينبغي الغفلة والاعراض عنهما (وَ) خلقنا (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) اللّذين هما من أعظم آياتها ولا يتكوّن متكوّن الّا بتأثيرهما ، وكلّ من نظر إليهما بالتّأمّل الّذى هو من شأن الإنسان يدرك انّهما أعظم قدرا وأكثر أثرا واشدّ ظهورا من ان يغفل عنهما أو لا يدرك منهما دلالتهما على مبدء عليم حكيم قدير (كُلٌ) من الشّمس والقمر (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) كان الظّاهر ان يقول : كلّ في فلك يسبح ان قدّر كلّ منهما أو يسبحان أو يسبح ان قدّر كلّهما بمعنى كليهما لكنّه تعالى للاشعار بكثرة افراد كلّ من الشّمس والقمر طولا كما ورد : انّ وراء عين شمسكم هذه تسعا وثلاثين عين شمس ، ووراء قمركم هذا تسعة وثلاثين قمرا ، وبكثرة افرادهما عرضا كما شاع في زماننا من حكماء الافرنج انّ الكواكب بعضها شموس منيرة بذاتها ، وبعضها أقمار مستنيرة من غيرها ، أتى بالعبارة هكذا ليكون المعنى كلّ جماعة من افراد الشّمس وافراد القمر في نوع من الفلك روحانىّ أو جسمانىّ يسبحون فانّ