عليه واعتدّ بها وعظّمها ، وهذا هو المراد هاهنا فانّهم اعتدّوا بإسلامهم نعمة عليه (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) لانّ الإسلام ليس نعمة لكم ولا لي بل هو مقدّمة للايمان الّذى هو نعمة لكم ولى فقل لهم : لا تعتدّوا بإسلامكم ولا تعدّوه نعمة علىّ (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) ينعم عليكم أو يعدّه نعمة عليكم (أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) ان أدخلكم في الإسلام الّذى هو ما به الهداية الى الايمان الّذى هو نعمة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ادّعاء الإسلام ، قال القمّىّ : نزلت الآية في عثمان يوم الخندق (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيعلم خفيّات أموركم وصدق نيّاتكم ومكموناتكم الّتى لا خبرة لكم بها من القوى والاستعدادات المكمونة (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فيعلم اغراضكم فيها.
سورة ق
مكّيّة ، وقيل الّا قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (الى قوله) قبل الغروب ،
خمسة وأربعون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ق) اسم لله أو للنّبىّ (ص) ، أو للقرآن ، أو للجبل المحيط بالدّنيا ، وهو من جبال عالم البرزخ أو المثال أو نفس عالم البرزخ لانّ خلفه عالم المثال (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) العظيم في نفسه المنيع من التّسلّط عليه ، وجواب القسم محذوف اى انّك لرسول الله (ص) أو انّهم ليبعثون بقرينة ما بعده (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) يعنى ما كذّبوك لانّهم وجدوك كاذبا بل كذّبوك لتعجّبهم من رسالة البشر (فَقالَ الْكافِرُونَ) برسالتك (هذا) الّذى يدّعيه من الرّسالة من الله (شَيْءٌ عَجِيبٌ) يعجب منه ، أو هذا الّذى يقوله من البعث بعد الموت وتفتّت العظام شيء يتعجّب منه (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) نبعث ونرجع (ذلِكَ) الأحياء بعد الموت (رَجْعٌ بَعِيدٌ) لعدم إمكانه فانّ البعث على ما يتصوّره العوامّ ، يقول الفلسفىّ الّذى يعدّ نفسه من الحكماء انّه محال عقلا لاستلزامه ردّ الفعليّة الى القوّة والاستعداد ، والموجود الى المعدوم كما بيّن في محلّه (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : كيف يبعثون؟ ـ والحال انّهم مختلطون بالأرض! (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) حافظ الجميع ما لهم من القوى والأعضاء وحافظ لاسمائهم واعدادهم وأعمالهم من الخير والشّرّ ، أو محفوظ من التّغيير والتّبديل (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) يعنى ليس تكذيبهم للبعث لوجود البرهان عليه بل لانّهم صاروا باطلين ، والباطل لا يصدّق الحقّ ومنه رسالتك وخلافة علىّ (ع) والقرآن والبعث (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) مختلط من الاهوية البهيميّة والاستعلاء السّبعيّة والحيل الشّيطانيّة ، أو هم في امر مختلط من حال محمّد (ص) فيقولون : انّه مجنون أو شاعر أو ساحر أو كاهن (أَ) لم يخرجوا من حدود أنفسهم فلم يقوموا من نكسهم (فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها) بحيث لا يمكن بقاء مواليد الأرض بدون هذا البناء (وَزَيَّنَّاها) بالكواكب بحيث يتّصل أثرها