امر بالاعتدال ، وقوله تعالى (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) نهى عن التّفريط فيه ، نهى تعالى عن الزّيادة على الوزن سواء كان للوزّان أو عليه ، كما نهى عن البخس سواء كان له أو عليه ، وامر بإقامة الوزن ، وإقامته عبارة عن تسوية طرفي الميزان ، وبالقسط تأكيد لهذا المعنى ، أو المراد بإقامة الوزن تسوية طرفي الميزان باليد ، وتقييدها بالقسط للاشارة الى تسوية القلب في ذلك (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) بسطها أو هو مقابل رفع السّماء ذكر بسط الأرض لانّ إتمام نعمة رفع السّماء ببسط الأرض (فِيها فاكِهَةٌ) الجملة حاليّة أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر (وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) الأكمام هي غلف ثمر النّخل ، وقيل : المراد بها طلع النّخل ، وقيل : ليف النّخل (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ) اى الورق أو التّبن (وَالرَّيْحانُ) قرئ بالرّفع عطفا على الحبّ ، وبالجرّ عطفا على العصف ، والرّيحان نبت معروف طيّب ـ الرّائحة ، أو مطلق النّبت الطّيّب الرّائحة ، أو مطلق الرّزق ، إذا عرفتما ايّها الثّقلان هذه الآلاء الّتى لا يقدر على إيتاء مثلها أحد سوى الله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) روى عن الرّضا (ع) انّه قال : الرّحمن علّم القرآن ، الله علّم القرآن قبل خلق الإنسان وذلك أمير المؤمنين (ع) قيل علّمه البيان؟ ـ قال : علّمه بيان كلّ شيء يحتاج اليه النّاس ، قيل : الشّمس والقمر بحسبان؟ ـ قال : هما بعذاب ، قيل : الشّمس والقمر يعذّبان؟ ـ قال : سألت عن شيء فأتقنه ، انّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له ضوؤهما من نور عرشه وحرّهما من جهنّم فاذا كانت القيامة عاد الى العرش نورهما وعاد الى النّار حرّهما فلا يكون شمس ولا قمر وانّما عناهما لعنهما الله ، أو ليس قد روى النّاس انّ رسول الله (ص) قال: انّ الشّمس والقمر نوران في النّار؟ ـ قال : بلى ، قال : اما سمعت قول النّاس : فلان وفلان شمس هذه الامّة ونورها؟ فهما في النّار ، والله ما عنى غيرهما ، قيل : النّجم والشّجر يسجدان؟ ـ قال : النّجم رسول الله (ص) وقد سمّاه الله في غير موضع فقال : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) ، وقال وعلامات وبالنّجم هم يهتدون فالعلامات الأوصياء (ع) ، والنّجم رسول الله (ص) ، قيل : يسجدان؟ ـ قال : يعبدان ، وقوله والسّماء رفعها ووضع الميزان؟ ـ قال : السّماء رسول الله (ص) رفعه الله اليه ، والميزان أمير المؤمنين (ع) نصبه لخلقه ، قيل : الّا تطغوا في الميزان؟ ـ قال : لا تعصوا الامام ، قيل : وأقيموا الوزن بالقسط؟ ـ قال : أقيموا الامام بالعدل ، قيل : ولا تخسروا الميزان؟ ـ قال : لا تبخسوا الامام حقّه ولا تظلموه ، وقوله : والأرض وضعها للأنام؟ ـ قال : للنّاس فيها فاكهة ، والنّخل ذات الأكمام؟ ـ قال : يكبر ثمر النّخل في القمع ثمّ يطلع منه ، قوله والحبّ ذو العصف والرّيحان؟ ـ قال : الحبّ الحنطة والشّعير والحبوب ، والعصف التّبن والرّيحان ما يؤكل منه. وعن الصّادق (ع) في تفسير قوله تعالى : فباىّ آلاء ربّكما تكذّبان؟ ـ فباىّ النّعمتين تكفران؟ ـ بمحمّد (ص) أم بعلىّ (ع)؟ وفي خبر ، أبا لنّبىّ (ص) أم بالوصىّ (ع)؟! ولمّا كان التّكرار في مقام الامتنان بتعدّد النّعم مطلوبا كرّر قوله : فباىّ آلاء ربّكما تكذّبان تقريرا لها عند المقرّين بها ، وتوبيخا للمكذّبين بها ، ولذلك ورد عن النّبىّ (ص): انّه لمّا قرئ هذه السّورة على النّاس وسكتوا ولم يقولوا شيئا ، قال : الجنّ أحسن جوابا منكم لمّا قرأت عليهم فباىّ آلاء ربّكما تكذّبان؟ ـ قالوا : لا بشيء من آلاء ربّنا نكذّب (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ) الصّلصال الطّين الطّيّب خلط بالرّمل ، أو الطّين ما لم يجعل خزفا (كَالْفَخَّارِ) الفخّارة الجرّة جمعها الفخّار ، أو هو الخزف (وَخَلَقَ الْجَانَ) اسم جمع للجنّ أو هو ابو الجنّ (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) اى نار خالصة من الدّخان وقد سبق في سورة البقرة كيفيّة خلق الجنّ من النّار (فَبِأَيِّ آلاءِ