بالولاية ، فانّ التّوحيد لا يحصل الّا بالولاية ، وفي خبر انّ هذه الآية جرت في الكافر والمؤمن والبرّ والفاجر من صنع اليه معروف فعليه ان يكافي به وليس المكافاة ان تصنع كما صنع حتّى تربّى ، فان صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) عطف على جنّتان اى لمن خاف مقام ربّه من دون الجنّتين الأوليين اللّتين له بحسب قوّته العمّالة الانسانيّة وقوّته العلّامة الانسانيّة جنّتان بحسب قوتيه العمّالة الجزئيّة والعلّامة الجزئيّة ، وبعبارة اخرى بحسب مرتبته الاخرى الّتى شارك بها سائر الحيوان وبعبارة اخرى هاتان لمقامه المقدارىّ وتانك لمقامه المجرّد ، أو حال أو عطف على مجموع لمن خاف مقام ربّه جنّتان يعنى انّ لله من غير تينك الجنّتين جنّتين لمن دون من خاف مقام ربّه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُدْهامَّتانِ) اى تضربان الى السّواد من خضرتهما فانّ حسن الخضرة ان تضرب الى السّواد أو من كثرة أغصان أشجارهما والتفافهما وكثرة أوراقها (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) نضخه رشّه ونضخ الماء اشتدّ فورانه ، والنّضاخ ككتّان الغزير من المطر ، قيل : تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور ، وقيل : تنضخان بأنواع الخيرات (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) لعدم جمعهما بين الصّنفين لم يقل : زوجان ، ولعدم اشتمالهما على فواكه المقام العالي لم يقل من كلّ فاكهة ، ولكثرة فوائد النّخل والرّمّان افرادهما بعد ذكر الفاكهة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِنَّ خَيْراتٌ) نساء خيرات الأخلاق من نساء الدّنيا أو من الحور (حِسانٌ) اى حسان الوجوه ، عن الصّادق (ع): هنّ صوالح المؤمنات العارفات ، وسئل عنه من قول الرّجل للرّجل : جزاك الله خيرا ، ما يعنى به؟ ـ قال : انّ خيرا نهر في الجنّة مخرجه من الكوثر ، والكوثر مخرجه من ساق العرش ، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم ، على حافّتى ذلك النّهر جوار نابتات كلّما قلعت واحدة نبتت اخرى يسمّين باسم ذلك النّهر ، وذلك قوله تعالى فيهنّ خيرات حسان ، فاذا قال الرّجل لصاحبه : جزاك الله خيرا فانّما ، يعنى بذلك تلك المنازل الّتى اعدّها الله لصفوته وخيرته من خلقه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حُورٌ) بدل من خيرات بدل الكلّ على ان يكون المراد بالخيرات الحور ، أو بالحور معناه اللّغوىّ حتّى يشمل النّساء من الانس ، أو عطف على خيرات بحذف حرف العاطف من قبيل التّعداد (مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) اى مخدّرات في الخيام ، وقيل : مقصورات الأطراف على أزواجهنّ ، أو الانظار مقصورة عنهنّ ، وقيل : كلّ خيمة درّة مجوّفة فرسخ في فرسخ فيها اربعة آلاف مصراع من ذهب (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ) جمع الرّفرفة وقرئ رفارف (خُضْرٍ) قيل الرّفرف الفرش المرتفعة ، وقيل : رياض الجنّة ، وقيل : المجالس ، وقيل : الوسائد (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) قيل : هي الزّرابىّ ، وقيل : الدّيباج ، وقيل : البسط ، وقيل : كلّ ثوب موشّى هو عبقرىّ ، وقيل : العبقرىّ منسوب الى العبقر وهو اسم بلد الجنّ بزعم العرب ، وفي القاموس : عبقر موضع كثير الجنّ ، وقرية ثيابها في غاية الحسن ، وامرأة ، والعبقرىّ الكامل من كلّ شيء والسّيّد والّذى ليس فوقه شيء والشّديد وضرب من البسط (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) اسم الرّبّ مطلقا هو اسمه الأعظم الّذى هو علىّ بعلويّته (ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) وقرئ ذو الجلال بالرّفع وصفا للاسم فانّ اسمه مثله ذو الجلال الاجلّ من ان يوصف وذو الإكرام الاتمّ.