بادّعاء منصب دينىّ ليس بإذن من الله وخلفائه كادّعاء الامامة والخلافة من الرّسول ، وادّعاء القضاء والفتيا ، وادّعاء الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر ، وادّعاء الوعظ والامامة للجمعة والجماعة ، والتّصرّف في الأوقاف واموال الأيتام والغيّاب ، واجراء الحدود والتّعزيرات ، وأخذ الفيء والأنفال والصّدقات ، وغير ذلك من المناصب الدّينيّة المحتاجة الى الاذن والاجازة من الله عموما أو خصوصا ، وروى بطرق عديدة انّ المراد : من ادّعى انّه امام وليس بإمام ، قيل : وان كان علويّا فاطميّا؟ ـ قال : وان كان علويّا فاطميّا (وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : ما حالهم ومقامهم؟ فقال : حالهم انّهم في جهنّم لكنّه ادّاه بصورة الاستفهام تأكيدا لهذا المعنى (وَيُنَجِّي اللهُ) عطف على قوله تعالى (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ) فانّه في معنى يكون في جهنّم مثوى للكافرين وينجّى الله (الَّذِينَ اتَّقَوْا) قد مضى في اوّل البقرة بيان التّقوى وتفاصيلها (بِمَفازَتِهِمْ) بنجاتهم يعنى باستعدادهم للنّجاة أو في محلّ نجاتهم والمفازة المنجاة والمهلكة ضدّ والفلاة الّتى لا ماء بها (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) جواب سؤال مقدّر في مقام التّعليل أو منقطع عن سابقه لفظا ومعنى (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) بالحفظ والإبقاء على ما هو خير له (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعنى مفاتيحها ومقاليدها عبارة عن الوجود الّذى به قوامها وبقاؤها ، وإذا كان ذلك الوجود مملوكا له لم يكن لها شيء لا يكون مملوكا له فهو مالك لها بتمام اجزائها لا انانيّة لها في أنفسها ، والجملة في مقام التّعليل (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) اى بعلىّ (ع) وولايته (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لا خسران سوى الكفر به لانّ من كفر بالله إذا لم يبطل استعداده الفطرىّ يمكن له التّوبة والرّجوع وكذا حال من كفر بالرّسول واليوم الآخر ، وامّا من كفر بالولاية بان قطع الولاية التّكليفيّة والولاية التّكوينيّة لا يبق له استعداد التّوبة وهو المرتدّ الفطرىّ الّذى لا توبة له وليس له الّا القتل بخلاف غيره من الكفّار ولذلك ادّعى حصر الخسران فيه (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) غير الله مفعول اعبد وتأمرونّى معترض بينهما ، ومفعوله محذوف اى تأمرونّى بعبادته ، أو غير الله مفعول تأمرونّى واعبد بدل منه بتقدير ان بدل الاشتمال ، وقرئ تأمرونّى بالاوجه الثّلاثة (الحذف والإدغام والفكّ) الجائزة في نون الوقاية مع نون الجمع (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ) ابتداء كلام من الله ردّا عليهم في قولهم لمحمّد (ص) استسلم بعض آلهتنا نؤمن بالهتك كما انّ قوله : قل أغير الله تأمرونّى كان ردّا عليهم في قولهم ذلك (وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) يعنى هذا الوحي كان مستمرّا من اوّل زمن النّبوّة ولم يكن له اختصاص بنبىّ دون نبىّ ووقت دون وقت لانّ البعثة لم تكن الّا لنفى الشّرك خصوصا إذا كان المراد بالشّرك الشّرك في الولاية لانّها كانت مبدء للبعثة وغاية لها (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) بالله في العبادة أو لئن أشركت بعلىّ (ع) والولاية (لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) تعريض بالامّة وباشراكهم بالولاية لكنّه خاطب النّبىّ (ص) بهذا الخطاب مبالغة في تهديد الامّة ودلالة على انّه (ص) مع كمال عظمته ومقام نبوّته لو أشرك حبط عمله فكيف بغيره ممّن لا مقام له (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ) تقديم الله للاشارة الى الحصر (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) لنعمة العبادة وحصرها فيه: عن القمىّ في تفسير الآية : هذه مخاطبة للنّبىّ (ص) والمعنى لامّته والدّليل على ذلك قوله تعالى : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وقد علم انّ نبيّه (ص) يعبده ويشكره لكن استعبد نبيّه بالدّعاء اليه تأديبا لامّته ، وسئل الباقر (ع) عن هذه الآية فقال : تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علىّ (ع) من بعدك (لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، وعن الصّادق (ع) : ان أشركت في الولاية غيره قال