منقطعا ولكن قوله تعالى (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) يؤيّد المعنى الاوّل بان جعلوها بأهوية أنفسهم أو ما عملوا بمقتضاها ، أو ما قصدوا بها رضوان الله ، أو ما انتهوا بها الى خليفة الله المؤسّس لآداب السّلوك الى الله ونسب الى النّبىّ (ص) انّه قال لتكذيبهم بمحمّد (ص) (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمّد (ص) (مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) عن اتّباع ولىّ الأمر وخليفة الله ، روى عن رسول الله (ص) انّه قال : اختلف من كان قبلكم على ثنتين وسبعين فرقة نجا منهما ثنتان وهلك سائرهنّ فرقة قاتل الملوك على دين عيسى (ع) فقتلوهم ، وفرقة لم يكن لهم طاقة لموازاة الملوك ولا ان يقيموا بين ظهرانيّهم يدعونهم الى دين الله تعالى ودين عيسى (ع) فساحوا في البلاد وترهّبوا وهم الّذين قال الله عزوجل : ورهبانيّة ابتدعوها ما كتبناها ثمّ قال : من آمن بى وصدّقنى واتّبعنى فقد رعاها حقّ رعايتها ، ومن لم يؤمن بى فأولئك هم الهالكون (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بعد ما مدح المؤمنين من أهل الكتاب وذمّ الّذين بقوا على صورة ملّتهم ولم يؤمنوا بمحمّد (ص) بقوله : وكثير منهم فاسقون نادى مطلق من آمن بمحمّد (ص) بالبيعة العامّة النّبويّة ، أو نادى المؤمنين بمحمّد (ص) من أهل الكتاب بالبيعة العامّة وقال : لو كان يكفى للنّجاة الإسلام الحاصل بالبيعة العامّة وقبول الملّة لكان يكفى أهل الكتاب قبول ملّتهم ولم يكونوا يسمّون فاسقين فلا تقفوا أنتم ايّها المؤمنون على صورة ملّة محمّد (ص) ولا تكتفوا بالبيعة العامّة بل (اتَّقُوا اللهَ) في جميع أوامره ونواهيه أو اتّقوا الله في مخالفة الرّسول (ص) ومخالفة قوله في علىّ (ع) (وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) بالايمان الحقيقىّ الّذى يحصل بالبيعة الخاصّة الولويّة (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ) نصيبين (مِنْ رَحْمَتِهِ) نصيبا على قبول الرّسالة ونصيبا على قبول الولاية ، وبعبارة اخرى نصيبا على البيعة العامّة ونصيبا على البيعة الخاصّة ، وبعبارة اخرى نصيبا على الإسلام ونصيبا على الايمان ، وبعبارة اخرى نصيبا في مقام النّفس الانسانيّة ونصيبا في مقام القلب ، وبعبارة اخرى نصيبا من جنّات النّعيم ونصيبا من جنّة الرّضوان ، وبعبارة اخرى نصيبا للقوّة العمّالة ونصيبا للقوّة العلّامة (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) والمقصود من النّور هو صورة ولىّ الأمر الّذى يدخل بالبيعة الخاصّة في قلب البائع المعبّر عنه بالايمان الدّاخل في القلب وإذا خرج تلك الصّورة من حجب الأهواء والتّعلّقات ظهر نورها بحيث كان الإنسان يستغنى من نور الشّمس وأشرقت الأرض بنور ربّها اشارة الى ظهور تلك الصّورة ومعرفة علىّ (ع) بالنّورانيّة الّتى هي معرفة الله ، وليست الّا للمؤمن الممتحن قلبه للايمان عبارة عن ظهور هذه الصّورة ، وإذا خلعت تلك الصّورة من حجب النّفس وتعلّقاتها استغنى صاحبها من كلّ ما سواها وكانت تلك الصّورة قرينة للنّصر ونزول الملائكة ، وظهور تلك الصّورة هي نزول السّكينة ولذلك قال : نورا تمشون به في النّاس فانّ تلك الصّورة هي الفعليّة الاخيرة للإنسان وجميع افعال الشّيء تكون بفعليّته الاخيرة فيجعل الله بتلك البيعة نورا مختفيا أو ظاهرا يكون جميع حركاته وسكناته وعباداته ومكاسبه بذلك النّور (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) بذلك النّور فانّ هذا النّور هو باعث غفران الله ، فانّ الله يستحيي ان يعذّب أمّة دانت بامامة امام عادل من الله وان كانت الامّة في أعمالها فجرة (وَاللهُ غَفُورٌ) سجيّته المغفرة سواء كان لها باعث أو لم يكن ، فمن كان له مادّة المغفرة الّتى هي الولاية كان مغفورا لا محالة (رَحِيمٌ) سجّيّته الرّحمة سواء كان لها باعث أو لم يكن ، وقد فسّر النّور بالإمام الّذى يأتمّون به ، وروى عن الصّادق (ع) انّه قال : كفلين من رحمته الحسن (ع) والحسين (ع) ونورا تمشون به يعنى إماما يأتّمون به ، وفي رواية والنّور علىّ (ع) (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) لا زائدة والمعنى على