لسؤال مقدّر (وَاللهُ قَدِيرٌ) على ان يبدّل المعاداة والتّبرّى محبّة وموالاة (وَاللهُ غَفُورٌ) يغفر ما صدر منهم من معاداتكم بجهالة وما صدر منكم من موالاتهم بجهالة (رَحِيمٌ) يرحمهم ويرحمكم فضلا عن مغفرته لكم ، في خبر عن الباقر (ع): قطع الله ولاية المؤمنين من قومهم من أهل مكّة وأظهروا لهم العداوة فقال : عسى الله ان يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّة فلمّا أسلم أهل مكّة خالطهم أصحاب رسول الله (ص) وناكحوهم وتزوّج رسول الله (ص) حبيبة بنت ابى سفيان بن حرب (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ) بدل عن الّذين لم يقاتلوكم (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) بتضمين تقضوا (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) بدل عن الّذين قاتلوكم أو التّقدير كراهة ان تولّوهم (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بوضع الولاية غير موضعها بل موضع العداوة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ابتداء كلام وأدب آخر للمؤمنين ولذلك صدّره بالنّداء جبرانا لكلفة التّأديب وتنشيطا في الاستماع (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَ) بان تختبروا موافقة قلوبهنّ لالسنتهنّ بان يحلفن ما خرجن من بغض زوج ولا رغبة من ارض الى ارض ولا التماس دينا وما خرجن الّا حبّا لله ، وعلى هذا كان معنى مؤمنات مذعنات ومصدّقات ، أو مشرفات على الإسلام ، قيل : صالح رسول الله (ص) بالحديبيّة على انّ من أتاه من أهل مكّة ردّه عليهم ، ومن أتى أهل مكّة من أصحاب رسول الله (ص) لم يردّوه ، فجاءت سبيعة بنت الحارث مسلمة بعد الفراغ من الكتاب والنّبىّ (ص) بالحديبيّة فأقبل زوجها مسافر من بنى مخزوم في طلبها وكان كافرا فقال : يا محمّد اردد علىّ امرأتى فانك قد شرطت اليوم ان تردّ علينا من أتاك منّا ، فنزلت الآية فأعطى رسول الله (ص) زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردّها عليه فزوّجها عمر بن الخطّاب وكان رسول الله (ص) يردّ من جاءه من الرّجال ويحبس من جاءه من النّساء ، إذا امتحنّ (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) وانّما يأمركم بالامتحان ليظهر عليكم أيضا ايمانهنّ (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ) في موضع التّعليل (وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) روى انّه قيل للصّادق (ع): انّ لأمر أتى أختا عارفة على رأينا بالبصرة وليس على رأينا بالبصرة الّا قليل فازوّجها ممّن لا يرى رأيها؟ ـ قال: لا ، ولا نعمة ؛ انّ الله يقول : فلا ترجعوهنّ الى الكفّار (الآية) (وَآتُوهُمْ) اى آتوا الكفّار (ما أَنْفَقُوا) على تلك النّساء من المهر وغيره (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ترخيص لهم في نكاحهنّ بعد اسلامهنّ (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) مهورهنّ سمّاها اجورا لانّ المهر أجر لبذل البضع ، وهذا يدلّ على عدم الاكتفاء في مهورهنّ بمهورهنّ الاولى المردودة الى أزواجهنّ (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) يعنى كما انّ المؤمنات لا يحللن للكفّار فكذلك المؤمنون لا يحلّون للكافرات ، والعصم جمع العصمة بكسر العين وقد يضمّ القلادة ، وهذه الآية كما تدلّ على حرمة المشركات تدلّ على حرمة الكتّابيّات (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) ان لحقت منكم امرأة بالكفّار (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) يعنى إذا كان بينكم معاهدة فاسئلوا أنتم ما أنفقتم وليسألوا أيضا ما أنفقوا ولا ترجعوا النّساء الملحقات بكم منهم إليهم ولا تستردّوا الملحقات بهم منكم (ذلِكُمْ) المذكور من حكم الملحقات بهم وبكم (حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) به