عالم النّفوس الحيوانيّة ، والسّادسة عالم النّفوس البشريّة ، والسّابعة عالم المثال العلوىّ (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا) بتنزّل الأمر بينهنّ أو بخلق السّماوات السّبع والأرضين السّبع (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) فانّ النّاظر الى السّماوات في العالم الكبير أو الصّغير والى الأرضين فيهما يظهر آثار قدرته وعلمه ورأفته بخلقه له ، وهكذا احاطة علمه بالجليل والحقير :
سورة التّحريم
مدنيّة ، واثنتا عشرة آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ) يغفر لكم ما لحقكم من ايمانكم (رَحِيمٌ) يرحمكم بعد المغفرة (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ) اى أوجب الله أو قدّر الله أو اثبت (تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) اى تحليل ايمانكم أو كفّارة ايمانكم فانّها ما به التّحليل (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) فهو اولى بالاسترضاء (وَهُوَ الْعَلِيمُ) بمصالحكم فاذا قال حلّلوا ايمانكم بالكفّارة فحلّلوا (الْحَكِيمُ) في فعاله وأقواله فلا يشرع لكم ولا يأمركم ولا ينهاكم الّا بما فيه مصالح وله غايات شريفة انيقة ، وقال الّذين توسّلوا بأمثال هذه الآية في تصحيح خلافة خلفائهم وإمامة ائمّتهم : انّ في هذه الآية دلالة على انّه تعالى عاتب نبيّه (ص) وليس العتاب الّا لذنب صدر منه والذّنب هاهنا كما نقل في نزول الآية تحريمه (ص) من قبل نفسه بدون امر الله مارية القبطيّة أو شرب العسل على نفسه ، فنقول : مثل هذا العتاب يدلّ على كمال عنايته بمحمّد (ص) ورأفته به بحيث لم يرض انّه (ص) حرّم على نفسه بعض الملاذّ المباحة ، كالأب الشّفيق الّذى يمنع ولده عن ترك بعض الملاذّ النّفسانيّة شفقة عليه ومنعا له من الإمساك عن بعض ما فيه حظوظ النّفس ، ولا يدلّ على انّه صدر منه ذنب أو خلاف امر ، غاية الأمر انّه يدلّ على انّه امتنع عن بعض الملاذّ استرضاء لبعض أزواجه ، واسترضاء الأزواج ممّا ندب عليه ، اما ترى جواز الكذب للأزواج استرضاء لهنّ قال القمّىّ وغيره سبب نزول الآيات انّ رسول الله (ص) كان في بيت عائشة أو في بيت حفصة ، فتناول رسول الله (ص) مارية ، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله (ص) ، فقالت يا رسول الله ، في يومى في داري وعلى فراشي؟!. فاستحيى رسول الله (ص) ، فقال كفّى ، فقد حرّمت مارية على نفسي وانا اقضى إليك سرّا ان أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين ، فقالت نعم ما هو!. فقال (ص) انّ أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثمّ بعده أبوك ، فقالت من انبأك هذا؟ قال نبّأنى العليم الخبير ، فأخبرت حفصة به عائشة من يومها ذلك ، وأخبرت عائشة أبا بكر ، فجاء ابو بكر الى عمر ، فقال له انّ عائشة أخبرتني بشيء عن حفصة ولا أثق بقولها ، فاسئل أنت حفصة ، فجاء عمر الى حفصة وقال ، ما هذا الّذى أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئا ، فقال لها عمر انّ هذا حقّ فأخبرينا حتّى نتقدّم فيه ، فقالت نعم قال رسول الله (ص) ، فنزل جبرئيل على رسول الله بهذه السّورة وأظهره الله عليه يعنى أظهره الله على ما أخبرت به وعرّف بعضه اى خبرها وقال لم أخبرت ما أخبرتك؟! واعرض عن بعض يعنى لم يخبرهم بما يعلم ، وقيل : خلا النّبىّ (ص) في بيت عائشة مع مارية فاطّلعت عليه حفصة فقال لها رسول الله : لا تعلمي عائشة ذلك وحرّم مارية على نفسه ، وأخبرها انّ أباها يملك بعده وبعده عمر فأعلمت حفصة عائشة الخبر واستكتمتها ايّاه فاطلع الله نبيّه (ص) على ذلك وهو قوله : وإذ اسرّ النّبىّ الى بعض أزواجه حديثا (الآية) ، وقيل : انّ