عزوجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) يعنى على نيّته (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الّذى لا مانع له من حكمه وإرادته فليحذر الّذين يخالفون امره ويسيئون في عملهم وليرج الّذين يطيعونه ويحسنون عملهم (الْغَفُورُ) فلا ييأس الّذين يعملون السّيّئات (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) مصدر أو جمع ، والموصول بدل من الّذى في تبارك الّذى ، أو صفة للعزيز ، أو خبر بعد خبر ، أو مبتدء وخبره قوله (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) والعائد الرّحمن الّذى هو بمعناه والمنظور منه بيان قدرته وحكمته وعنايته بخلقه وعدم إهمالهم بلا ثواب وعقاب والمراد بالتّفاوت الاختلاف في الإتقان وعدمه ، وقرئ من تفوّت وهو بمعنى التّفاوت (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) يعنى انظر الى السّماء ثمّ تفكّر في نفسك وتأمّل في خلل السّماء ثمّ ارجع بصرك الى السّماء (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) انشقاق فيها وخلل وفساد في خلقها (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) في ارتياد الخلل والنّقص والفساد ليس التّثنية منظورة بل المنظور تكرار النّظر وكثرته (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) خسأ الكلب كمنع طرده ، وخسأ الكلب بعد كانخسأ ، وخسى من باب علم وخسأ البصر كمنع كلّ ، والخاسئ من الكلاب والخنازير المبعد الّذى لا يترك ان يدنو من النّاس (وَهُوَ حَسِيرٌ) كليل ومنقطع من الأبصار من طول المدى في الأبصار ، ونعم ما قال المولوىّ قدسسره في بيان هذه الآية :
اندر اين گردون مكرر كن نظر |
|
زانكه حق فرمود ثمّ ارجع بصر |
يك نظر قانع مشو زين سقف نور |
|
بارها بنگر ببين هل من فطور |
چونكه گفتت كاندر اين سقف نكو |
|
بارها بنگر چو مرد عيب جو |
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) اى أقرب السّماوات الى الأرض فانّ جنس سماء الطّبع أقرب أصناف السّماوات الى الأرض ، وان كان المكوكبة منها هي الثّامنة منها ، فانّ سماوات عالم المثال وعالم النّفوس وعالم العقول ابعد السّماوات الى الأرض ، وهكذا في العالم الصّغير سماء الصّدر المنشرح بالإسلام وسماء القلب الدّاخل فيه الايمان أقرب السّماوات الى ارض البدن وارض النّفس الامّارة واللّوّامة (بِمَصابِيحَ) بالكواكب الصّوريّة أو بالكواكب الذّكريّة النّفسانيّة (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) كون النّجوم الذّكريّة رجوما للشّياطين واضح ، وامّا كون الشّهب السّماويّة رجوما للشّياطين فقد أنكر الفلاسفة سقوط الكواكب عن محالّها لانّها بسائط وليست مركّبة من العناصر بل هي على ما خلقت من غير تغيير وتغيّر ، والشّهب الّتى تترائى انّما تتكوّن في كرة الدّخان وهي أنموذج للشّهب الّتى بها ترجم الشّياطين والّا فالشّياطين من أهل عالم المثال السّفلىّ ولا تزاحم بين أهل عالم المثالين وأجزاء عالم الطّبع ، وقد مضى في سورة الحجر وسورة الصّافّات بيان لهذه الآية (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) في الآخرة (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) صوتا كصوت الحمير وقد مضى في سورة هود بيان انّ لهم فيها زفيرا وشهيقا (وَهِيَ تَفُورُ) اى تغلى بهم غليان المرجل بما فيه (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) اى تتفرّق من الغيظ على أعداء الله (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقالُوا) اعترافا بعدم التّحقيق وعدم التّقليد (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) وننقاد لأولياء الأمر وكنّا في تقليد صحيح (أَوْ نَعْقِلُ) اى