عزوجل في سلسلة ذرعها (الآية) ، وعن الباقر (ع): كنت خلف ابى (ع) وهو على بغلته فنظرت بغلته فاذا هو شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال : يا علىّ بن الحسين (ع) اسقني ، فقال الرّجل : لا تسقه لا سقاه الله ، قال : وكان الشّيخ معاوية ، وقال القمّىّ : معنى السّلسلة سبعون ذراعا في الباطن هم الجبابرة السّبعون.
اعلم ، انّ الإنسان واقع بين الحيوانيّة وبين الملكيّة ولنفسه وجه الى الحيوانيّة ووجه الى الملكيّة ويعبّر عن الجهتين باليسار واليمين ، وإذا عمل الإنسان عمله من حيث وجهته الى الحيوانيّة يثبت ذلك العمل في صفحة النّفس الّتى تلى الحيوانيّة ، وبحذائها الكتاب الّذى بيد كاتب السّيّئات فيثبت ذلك العمل كاتب السّيّئات في كتاب السّيّئات سواء كان ذلك العمل بحسب صورته من الطّاعات أو من المعاصي ، ولذلك ورد في حقّ النّاصب : صلّى أو زنى ، وإذا بعث ذلك العامل يوم القيامة يتمثّل العمل الّذى كان في صفحة النّفس الدّانية ويأتيه كتاب عمله الّذى كتبه كاتب السّيّئات من تلك الجهة وهي شمال النّفس والإنسان ، وإذا عمل عمله من حيث وجهته الى الملكيّة ثبت ذلك العمل اوّلا في صفحة نفسه الملكيّة وبحذائها الكتاب الّذى بيد كاتب الحسنات فيثبته كاتب الحسنات في كتاب الحسنات سواء عدّ ذلك العمل بحسب صورته من السّيّئات أو من الحسنات ، وهذا أحد وجوه تبديل السّيّئات حسنات ، وإذا بعث ذلك العامل يوم القيامة يتمثّل صورة العمل الّذى كان في صفحة النّفس العليا ويؤتى كتابه من تلك الجهة فيرى صورة اعماله في صفحة نفسه وفي كتابه على غاية الحسن والبهاء فيتبجّح ويقول من غاية الوجد والسّرور : هاؤم اقرؤا كتابيه (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) يعنى انّه لم يكن صاحب خير لا بحسب قوّته العلّامة ولا بحسب قوّته العمّالة (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) لانّ النّسب الجسمانيّة صارت منقطعة والنّسب الرّوحانيّة الالهيّة لم تكن له حاصلة لانّ حصولها لا يكون الّا بالايمان بالله بالبيعة العامّة أو الخاصّة فلم يكن له في ذلك الموقف حميم جسمانىّ ولا حميم روحانىّ (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) هو ما يغسل من الثّوب ونحوه كالغسالة ، وما بسيل من جلود أهل النّار ، وما كان شديد الحرّ ، واسم شجر في النّار ولم يكن له طعام الّا من غسلين لانّه لم يكن يطعم من طعامه حتّى يعطيه طعاما طيّبا عوضا من طعامه (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) اى المذنبون من خطئ الرّجل إذا أذنب عمدا أو خطأ (فَلا أُقْسِمُ) لفظة لا مزيدة للتّأكيد وشاع زيادتها في القسم (بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ) بكلّ ما من شأنه ان يبصر وان لا يبصر (إِنَّهُ) اى القرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) وقول الرّسول (ص) من حيث انّه رسول ليس الّا من المرسل سواء أريد بالرّسول جبرئيل أو محمّد (ص) (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ) كما تقولون تارة انّه شاعر (قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ) كما تقولون اخرى (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) قليلا صفة مفعول مطلق محذوف ، أو ظرف لتذكّرون وما زائدة للتّأكيد أو صفته والإتيان بالايمان في جانب نفى كونه شعرا لانّ تميّز كونه من الله دون الشّعر يحتاج الى الايمان العامّ أو الخاصّ ، أو الإذعان بالله واليوم الآخر حتّى يعلم انّ مضمونه ليس الّا الهيّا اخرويّا عقليّا بخلاف الشّعر فانّه لا يكون في الأغلب الّا خياليّا نفسانيّا ، وأتى في جانب نفى الكهانة بالتّذكّر لعدم اكتفاء الايمان في تميّز القرآن من الكهانة الّتى هي أيضا اخبار بالغيب ، وللحاجة الى تذكّر حال الكاهن وحال الرّسول (ص) وأقوالهما وانّ حال الكاهن لا يشبه حال الالهيّين الاخرويّين وانّ حال الرّسول (ص) وقوله لا يشبه حال الكاهنين الشّيطانيّين (تَنْزِيلٌ) اى بل هو تنزيل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ) ابتدع (عَلَيْنا) كذبا (بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) لامسكنا من أعضائه بيمينه كما يمسك من أعضاء الجاني المستحقّ للعذاب بيده ، وذكر اليمين لانّه أشرف أطرافه فيكون أبلغ في الدّلالة على الاذلال أو لأخذنا منه باليمين للقطع اى قطعناها فانّه حينئذ يكون سارقا في الدّين ، والسّارق يقطع منه اليمين ، أو لاخذناه بقوّتنا ، واستعمال اليمين في القوّة