عَلَيْهِ لِبَداً) اللّبدة بالكسرة والسّكون وبالضّمّ والسّكون الصّوف المتراكم بعضه على بعض ، واللّبد بالكسر أو الضّمّ والفتح ، وقرئ بهما جمع لهما ، وقرئ لبّدا بالضّمّ والتّشديد جمع لا بد ولبدا بالضّمّتين (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا) وقرئ قال : انّما ادعوا (رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) سواء رضيتم عنّى أو سخطتم (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً) حتّى آتى بما تستعجلون من العذاب أو آتى بما تقترحون من الآيات ، وروى عن الكاظم (ع) انّ رسول الله (ص) دعا النّاس الى ولاية علىّ (ع) فاجتمعت اليه قريش فقالوا : يا محمّد (ص) اعفنا من هذا ، فقال لهم رسول الله (ص): هذا الى الله ليس الىّ ، فاتّهموه وخرجوا من عنده فأنزل الله عزوجل : قل لا أملك (الآية) (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) ملتجأ أو منحرفا وهو تعريض بهم حيث اعتمدوا على الأوثان أو على رؤساء الضّلالة (إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ) اى تبليغا من جانب الله أو بلوغ الوحي من الله الىّ وهو استثناء من ملتحدا أو من أحدا وضرّا أو رشدا ، روى عن الكاظم (ع) انّه قال الّا بلاغا من الله ورسالاته في علىّ (ع) ، قيل : هذا تنزيل؟ ـ قال : نعم (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في ولاية علىّ (ع) كما عن الكاظم (ع) (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) من العذاب أو من الحساب أو من كون علىّ (ع) قسيم الجنّة والنّار ، أو من الموت ، أو القائم (ع) وأنصاره ، أو علىّ (ع) في الرّجعة (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) كما يقولون : نحن أقوياء وأكثر عددا من علىّ (ع) (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) ممّا ذكر (أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) اى مدّة وهو كناية عن البعد ، قال القمّىّ : لمّا أخبرهم رسول الله (ص) بما يكون من الرّجعة قالوا : متى يكون هذا؟ ـ قال الله : قل يا محمّد (ص) ان أدري (الآية) (عالِمُ الْغَيْبِ) اى عالم عالم الغيب أو عالم ما هو الغيب عن الأبصار والأسماع (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) عن الرّضا (ع) فرسول الله (ص) عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرّسول (ص) الّذى اطلعه الله على من يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون الى يوم القيامة ، وقد مضى وجه عدم المنافاة بين هذه الآية وبين قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) ، وانّ المطّلعين على الغيب ليس اطّلاعهم الّا بلطيفة الهيّة (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) سلك زيد المكان وفي المكان ، وسلك زيد عمرا لازم ومتعدّ ، واسم انّ راجع الى الرّسول (ص) ، أو الى الله ، وهكذا فاعل يسلك وهو لازم أو متعدّ ، ورصدا مصدر ، أو جمع للرّاصد والمعنى انّ الله لا يظهر على غيبه أحدا الّا من ارتضاه من رسول بشرىّ أو ملكىّ لانّ الرّسول (ص) يسلك من بين يدي نفسه اى الآخرة ومن خلفه اى الدّنيا مترقّبا لامورهما ، أو للاطّلاع على اسرارهما ، أو هو مفعول مطلق نوعىّ أو يجعل رصّادا ومترقّبين من بين يديه ومن خلفه من قواه الدّرّاكة والملائكة الموكّلة عليه حتّى يعلّموه اخبار الدّنيا واسرار الآخرة ، أو يسلك الله بمظاهره الّذين هم ملائكته الموكّلة على الرّسول مترقّبا للأخبار وأعلام الرّسول (ص) أو يجعل الله رصّادا له لا علامة (لِيَعْلَمَ) الله (أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا) اى الرّسل الّذين هم الملائكة أو الرّسل البشريّون (رِسالاتِ رَبِّهِمْ) والمعنى ليظهر علمه بذلك أو ليعلم الرّسول (ص) ان قد أبلغ الملائكة أو أبلغ الرّسل الماضون رسالات ربّهم (وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ) عطف على عالم الغيب ورفع لتوهّم ان يكون لله علم حادث كما يتوهّم من قوله ليعلم (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) تأكيد وتعميم بعد تخصيص.