تجليّات ربّك وجذباته ، ولعلّه للاشارة الى هذا الوجه من التّأويل قال أمير المؤمنين (ع): ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السّورة (إِنَّا سَنُلْقِي) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : لم أمرت بقيام اللّيل وترتيل القرآن الّذى هو تفصيل المعاني المجملة في الوجود في العالم الكبير أو العالم الصّغير؟ ـ فقال : لانّا سنلقى (عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) لا يتحمّله من كان ضعيفا في قوّته العمّالة ، والعلّامة ، وقيام اللّيل يقوّى القوّة العمّالة ويعدّ القوّة العلّامة لادراك دقائق الأمور وترتيل القرآن يعنى تفصيل المعاني المجملة في العقول الكلّيّة والنّفوس الكلّيّة في الكثرات الكونيّة ، وتفصيلها في الصّغير يقوّى القوّة العلّامة وينشط القوّة العمّالة ، والمراد بالقول الثّقيل القرآن فانّه كان من ثقله إذا نزل يأخذ النّبىّ (ص) شبه الغشي ، وكان في بعض الأحيان يرى سرّة دابّته كأنّها تمسّ الأرض ، أو آثار الولاية فانّها لثقلها لم يكن موسى (ع) يطيق الصّبر على ما يرى من الخضر (ع) ، أو المراد نصب علىّ (ع) بالخلافة فانّها لثقلها لم يكن يظهره النّبىّ (ص) حتّى عوتبه في ذلك ونزل عليه (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ، أو المراد مصائب أهل بيته بعده فانّها لثقلها كادت لا يمكن ان تسمع ، أو المراد هو السّكينة الّتى لم تكن تنزل الّا ومعها جنود لم تروها ولم تكن تنزل حتّى يطهّر القلب من الأغيار ، ولم يطهّر الّا باستنارة القوّة العلّامة ونشاط القوّة العمّالة ، ولا يكون ذلك الّا بقيام اللّيل وترتيل القرآن (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) جواب لسؤال ناش من مجموع ما تقدّم كأنّه قيل : لم أمرت بقيام اللّيل وترتيل القرآن لأجل إلقاء القول الثّقيل؟ ـ فقال : انّ ناشئة اللّيل اى النّفس المربّاة في اللّيل أو النّفس المتجاوزة حدّ البلوغ أو الجماعة النّاشئة باللّيل ، أو النّاشئة مصدر بمعنى الفاعل اى الشّخص النّامى باللّيل اشدّ وطأ اى أخذا أو ضغطا أو قدما والمقصود الثّبات والقوّة في القوّة العمّالة (وَأَقْوَمُ قِيلاً) اى اعدل قولا ، ولمّا كان القول مسبّبا عمّا في الضّمير من العلوم كما قال أمير المؤمنين (ع): المرء مخبوء تحت لسانه ، كان هذا اشارة الى اعتدال القوّة العلّامة وقوّتها ، ويجوز ان يكون المعنى كما أشير اليه في الخبر انّ قيام الرّجل في اللّيل عن فراشه هو اشدّ وطأ ، ويكون نسبة اشدّ وطأ الى ناشئة اللّيل بمعنى القيام في اللّيل مجازا عقليّا (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) هذا أيضا جواب لسؤال مقدّر تقديره إذا أمرتنا بقيام اللّيل فمتى ننام؟ ـ وإذا ننام في النّهار فمتى نصلح معيشتنا؟ ـ فقال : انّ لك في النّهار سبحا طويلا ، والسّبح الفراغ والتّصرّف في المعاش والنّوم والسّكون والتّقلّب في الانتشار في الأرض والابعاد في السّير ، والكلّ مناسب هاهنا ، أو المعنى لا تطلب في ليل طبعك وظلمة نفسك سبحا في آثار الله فانّ لك بعد الخلاص من الطّبع والدّخول في نهار الرّوح سبحا طويلا (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) يعنى انّ المقصود من قيام اللّيل ذكر اسم الرّبّ (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) اى التج بالانقطاع عن الخلق الى الله (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) التّوصيف للاشعار بوجه الحكم (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فاذا كان كذلك (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) في الله أو فيك أو في ابن عمّك (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) بان تكون في الباطن مجانبا مباينا متباعدا منهم وفي الظّاهر مخالطا مداريا بهم (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) بالله أو بك أو بوصيّك ، وعن الكاظم (ع) والمكذّبين بوصيّك ، قيل : هذا تنزيل؟ ـ قال : نعم (أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ) ولا تعاجلهم بالعقوبة من عندك أو بطلب العقوبة من عند الله (قَلِيلاً إِنَّ لَدَيْنا) تعليل (أَنْكالاً) جمع النّكل بالكسر القيد الشّديد ، أو القيد من النّار ، أو ضرب من اللّجم (وَجَحِيماً وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) ينشب في الحلق ولا يسيغ (وَعَذاباً أَلِيماً يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ) تضطرب أو تخسف كما قال القمّىّ (وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) الكثيب التّلّ من الرّمل ، وهال عليه التّراب والتّراب مهيل