(إِنَّا أَرْسَلْنا) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل بعد ما هدّدهم بقوله : فذرني والمكذّبين : ما فعلت بنا؟ وما تفعل بعد بنا؟ ـ فقال : انّا أرسلنا (إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً) يشهد (عَلَيْكُمْ) يوم القيامة بالرّدّ والقبول والإقرار والنّكول (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) نكّر الرّسول لعدم تعلّق الغرض بتعيين الرّسول (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) ثقيلا فاحذروا أنتم عن مثل فعله حتّى لا نأخذكم مثلهم (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) لطوله أو لشدّة هو له ويوما مفعول تتّقون وهو أليق لتوصيفه بما ينبغي ان يتّقى منه أو ظرف لتتّقون والمفعول محذوف (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) اى فيه أو بسببيه اى بسبب شدّة البلاء والهول فيه (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً إِنَّ هذِهِ) المذكورات من الوعد والوعيد (تَذْكِرَةٌ) للنّفوس المتيقّظة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ) في الولاية (سَبِيلاً) هو قبول ولايته بالبيعة معه واتّباع أوامره ونواهيه أو الى ربّه المطلق والسّبيل الى الرّبّ المطلق هو صاحب الولاية وقبول ولايته بالبيعة معه واتّباعه (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) اى الزّيادة على النّصف (وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) بحسب ساعاتهما وأثلاثهما وارباعهما وانصافهما لا أنتم (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) أنتم اى لن تحصوا قدرهما أو لن تحصوا كلّا من اللّيل والنّهار (فَتابَ عَلَيْكُمْ) عن تكليفه لكم بالقيام في نصف اللّيل أو أزيد أو انقص من النّصف بقليل فرفع هذا الحكم عنكم ولذلك ورد انّها نسخت هذه الآية الآية الاولى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) يعنى في الصّلوة في اللّيل بقرينة المقام ، وفي خبر عن الباقر (ع): واعلموا انّه لم يأت نبىّ قطّ الّا خلا بصلوة اللّيل ، ولا جاء نبىّ قطّ بصلوة اللّيل في اوّل اللّيل (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ) جواب سؤال ووجه آخر للتّرخيص (مِنْكُمْ مَرْضى) لا يقدرون على قيام اللّيل (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ) فيكون القيام شاقّا عليهم (يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) الصّورىّ كالمسافرين للتّجارة أو المعنوىّ كالمسافرين لطلب الدّين والعلم (وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) لمّا كان بعض النّفوس مولعة بالعبادة وقيام اللّيل والأمر بترك العبادة خصوصا ما كان منها موظّفا عليها كان ثقيلا عليها كرّر الأمر بقراءة ما تيسّر من القرآن والصّلوة وكان الاوّل مترتّبا على عدم الإحصاء والثّانى على المرض والضّرب في الأرض ، وروى عن الرّضا (ع) انّه قال : ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السّرّ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) قد مضى بيان الصّلوة والزّكاة ومراتبهما واقامة الصّلوة وإيتاء الزّكاة (وَأَقْرِضُوا اللهَ) من أصل ما لكم أو هو بيان لإيتاء الزّكاة وترغيب فيه واشعار بان من آتى الزّكاة آتاه الله عوضه في الدّنيا أو في الآخرة أو فيهما (قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ) تعميم بعد تخصيص أو بيان وتعميم للقرض (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) اى تجدوه بعينه خيرا منه حين آتيتموه وتجدوا اجره أيضا عظيما ، أو تجدوه بما هو اجره خيرا من نفسه وأعظم (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) حين الصّلوة والزّكاة حتّى يستر عليكم دواعي نفوسكم في ذلك ، أو استغفروه في جميع أحوالكم فانّه ما منكم أحد الّا وله مساو لا تليق بشأنه (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).