(ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) التّكرير لمحض التّأكيد أو الاوّل وتأكيده للدّنيا ، والثّانى وتأكيده للآخرة (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) مهملا (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) استفهام تقريرىّ في مقام التّعليل لانكار هذا الحسبان (ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) اى فسوّاه ذكرا بالغا وأنثى بالغة ، أو فسوّاه بحسب أعضائه بمعنى فكسونا العظام لحما (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) يعنى انّ الله جعل لهذا البنيان ولمادّة الإنسان تبدّلات من اخسّ الأحوال الى أشرفها ، فاذا صار إنسانا بالغا ذكرا أو أنثى لا يهمله بل إذا استكمل في جهة روحانيّته بالموت الاختيارىّ أو الاضطرارىّ صار اشدّ اهتماما به من حاله الخسيسة الّتى كان فيها نطفة قذرة أو علقة أو مضغة أو جنينا (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) والحال انّ الموت هو سبب حياته الحقيقيّة ، عن الرّضا (ع): انّه إذا قرأ هذه السّورة قال عند فراغها : سبحانك اللهمّ بلى.
سورة الدّهر
وتسمّى سورة الإنسان وسورة الأبرار وسورة هل أتى ، مكّيّة كلّها ، وقيل : مدنيّة كلّها ، وقيل :
مدنيّة الّا قوله : ولا تطع منهم آثما أو كفورا ، وقيل : انّ قوله : انّا نحن نزّلنا القرآن تنزيلا
(الى آخر السّورة) مكّىّ والباقي مدنىّ احدى وثلاثون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) استفهام تقريرىّ والمعنى قد أتى ولذا فسّر به (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) في الخلق يعنى كان مقدّرا مقدورا ولم يكن مكوّنا مخلوقا (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : فكيف خلق الإنسان؟ ـ فقال : انّا خلقناه (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) مشج من باب نصر خلط وشيء مشيج كقتيل وسبب وكتف مخلوط ، والجمع أمشاج ، كون النّطفة أمشاجا امّا لاختلاط الاخلاط أو العناصر أو استعدادات الأعضاء والقوى فيها ، أو لاختلاط المائين ماء الرّجل وماء المرأة (نَبْتَلِيهِ) نستخلصه من الفضول وممّا لا يليق به ونعطيه ونتفضّل عليه بما يليق بشأنه (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) يعنى على أشرف أحوال الحيوان (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : ما فعلت به بعد ذلك؟ وما تفعل به؟ ـ فقال : انّا هديناه السّبيل بحسب فطرته فانّ الكلّ بحسب الفطرة يعرف الخير والشّرّ الانسانيّين وبحسب التّكليف بتوسّط الأنبياء والأولياء (ع) (إِمَّا شاكِراً) اى عاملا بما عرفناه (وَإِمَّا كَفُوراً) تاركا لما عرفناه (إِنَّا أَعْتَدْنا) جواب لسؤال مقدّر عن حال الكفور (لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ) بها يقادون عنفا (وَأَغْلالاً) بها يقيّدون (وَسَعِيراً) بها يحترقون (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ) جواب لسؤال مقدّر عن حال الشّاكرين (مِنْ كَأْسٍ) من خمر أو من كأس فيها خمر (كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها) اى منها (عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها) يجرونها باىّ نحو والى اىّ مكان شاؤا ، أو يخرجون