العذاب لا لمكثهم في النّار (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) يعنى بردا ينفعهم من حرّ النّار ولا شرابا ينفعهم من عطشهم ، أو المراد بالبرد النّوم كما قيل (إِلَّا حَمِيماً) اى الماء الحارّ الشّديد الحرارة (وَغَسَّاقاً) الغسّاق صديد أهل النّار ، أو ماء يخرج من صديد أهل النّار (جَزاءً وِفاقاً) مفعول له أو وصف لحميما وغسّاقا ، أو مفعول مطلق لمحذوف اى يجازون جزاء ، أو يجزيهم الله جزاء موافقا لاعمالهم (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) اى لا يعتقدون حشرا وحسابا ، أو لا يخافون حسابا كما قيل (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) من حيث انّها آيات وأعظمها علىّ (ع) (كِذَّاباً وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ) ومن الأشياء الّتى أحصيناه أعمالهم الّتى عملوها (كِتاباً) اى في كتاب أو حالكونه مكتوبا عندنا (فَذُوقُوا) بتقدير القول (فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : هذا حال المكذّبين بالنّبإ العظيم فما حال المصدّقين بالولاية؟ ـ والمفاز الفوز والنّجاة ، أو محلّ الفوز ، ويستعمل في الهلاك والمهلك (حَدائِقَ وَأَعْناباً) بساتين وأثمارها لكن خصّص الأعناب بالذّكر لامتيازها من بين الاثمار (وَكَواعِبَ) اى جواري ثديّهنّ كاعبات (أَتْراباً) مستويات في السّنّ يعنى كلّهن في اوّل البلوغ (وَكَأْساً دِهاقاً) ممتلئة أو متتابعة (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) قرئ بتشديد الذّال بمعنى التّكذيب وبتخفيف الذّال بمعنى المكاذبة (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ) لتشريفهم أصناف الجزاء هاهنا الى الرّبّ (عَطاءً حِساباً) كافيا أو على قدر أعمالهم (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) قرئ ربّ السّماوات ، والرّحمن بالجرّ والرّفع (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) منه حال من خطابا أو ظرف لغو متعلّق بلا يملكون اى لا يملكون مخاطبته أو لا يملكون من اذنه مخاطبة ولا يقدرون ولا يؤذنون فيها (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) ظرف لواحد من الأفعال السّابقة أو لقوله : لا يتكلّمون ، والرّوح هاهنا عبارة عن ربّ النّوع الانسانىّ الّذى هو أعظم من جميع الملائكة ومقامه فوق مقام جميع الملائكة بل فوق عالم الإمكان لم يكن مع أحد من الأنبياء (ع) ، وكان مع محمّد (ص) وبعده مع أوصيائه (ع) ويعبّر عنه بروح القدس (وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) في صفّ أو حالكونهم مصطفّين (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ) في الدّنيا (صَواباً) أو قال عند الله صوابا (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) اى من شاء اتّخذ الى ربّه المضاف الى علىّ (ع) مآبا ، أو من شاء اتّخذ الى ربّه المطلق مآبا ، والمآب حينئذ هو الولاية واتّباع علىّ (ع) (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : ان كان ذلك اليوم الحقّ فما فعلت بهم لأجل ذلك اليوم؟ ـ فقال : انّا أنذرناكم (عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ) بدل من عذابا نحو بدل الاشتمال أو حال من عذابا (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) من خير أو شرّ وهو يوم الموت أو يوم القيامة الكبرى (وَيَقُولُ الْكافِرُ) بالولاية (يا لَيْتَنِي) اى يا قوم ليتني (كُنْتُ تُراباً) في الدّنيا فلم يكن لي حشر ونشر وحساب وعقاب ، أو ليتني كنت ترابا في هذا اليوم فلم يكن لي حساب ، أو ليتني كنت ترابا قابلا لخلق الأشياء الاخر منّى فانّ الكافر بسبب الفعليّات السّيّئة الحاصلة فيه لا يكون قابلا لفعليّات أخر منه فيتمنّى ان يكون ترابا مستعدّا لان يخلق فيه صور اخرى ، وقيل بعد ما يحشر الخلائق في صعيد واحد ويقتصّ من الظّالم للمظلوم حتّى للجمّاء من القرناء يقول الرّبّ لغير الثّقلين : انّا خلقناكم وسخّرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين لهم ايّام حياتكم فارجعوا الى الّذى كنتم كونوا ترابا ، فاذا التفّت الكافر الى ما صار