ترابا يقول : يا ليتني كنت على صورة شيء منها وكنت اليوم ترابا ، وقيل : المراد بالكافر إبليس إذا رأى كرامة آدم وولده وقد عابه على كونه من طين يتمنّى ان يكون أصله ترابا ، أو المراد بالكافر الكافر بالولاية فانّه يتمنّى ان يكون من شيعة علىّ (ع) فانّه روى عن ابن عبّاس انّه سئل : لم كنّى رسول الله (ص) عليّا (ع) أبا تراب؟ ـ قال : لانّه صاحب الأرض وحجّة الله على أهلها بعده وله بقاؤها واليه سكونها قال : ولقد سمعت رسول الله (ص) يقول : انّه إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ما اعدّ الله تبارك وتعالى لشيعة علىّ (ع) من الثّواب والزّلفى والكرامة قال : يا ليتني كنت ترابا اى من شيعة علىّ (ع) وذلك قول الله عزوجل : ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.
سورة النّازعات
ستّ وأربعون آية ، مكّىّ كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) اقسم تعالى شأنه بالنّفوس المشتاقة الى أوطانها الحقيقيّة من نزع نزوعا اشتاق ، أو بالنّفوس المرتدعة عن النّفس وعلائقها من قولهم : نزع من الأمر انتهى ، الّتى تغرق في الاهتمام بالسّير الى الله ، أو في بحار حبّه ، أو في بحار صفاته ، أو في بحر الاحديّة (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) اى النّفوس النّاشطات الطّيّبات في السّير الى الله ، أو النّاشطات في الخروج من دار النّفس ، أو الخارجات من دار النّفس الى دار القلب ، أو المراد بالنّازعات ملائكة العذاب تنزع أرواح الكفّار ، وبالنّشطات ملائكة الرّحمة تخرج أرواح المؤمنين برفق ، أو المراد بالنّازعات النّجوم تنزع من مطالعها وتغرق في مغاربها ، والنّاشطات النّجوم الّتى تخرج من برج الى برج ، أو المراد بالنّازعات القسىّ تنزع بالسّهم ، والمراد بالنّاشطات الخيل السمينة في الجهاد ، أو المراد بالنّازعات النّفوس المشتاقة الى الله ، وبالنّاشطات النّفوس المسرعة في الخروج عند الموت (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) النّفوس السّابحة في بحار أوصافه تعالى ، أو الجارية المسرعة الى الله ، أو الملائكة الّذين يسرعون في امر الله من غير تأمّل وتوان كالسّابح بالشّيء في الماء ، أو الملائكة الّذين يسبحون أرواح المؤمنين يسلّونها سلّا رقيقا ثمّ يدعونها حتّى تستريح كالسّابح بالشّيء في الماء ، أو الملائكة الّذين ينزلون من السّماء الى الأرض باسراع كما يقال للفرس الجواد سابح ، أو النّجوم الّتى تسبح في فلكها ، أو خيل الغزاة تسبح في عدوها (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) الملائكة الّذين سبقوا ابن آدم بالخير ، أو سبقوا الشّيطان في حفظ ابن آدم منه ، أو سبقوا الشّيطان بالوحي الى الأنبياء (ع) ، أو الّذين سبقوا بأرواح المؤمنين الى الجنّة ، أو النّفوس البشريّة الّتى تسبق سائر النّفوس في الذّهاب الى الله أو القرب منه ، أو الّتى تسبق الملائكة في المرتبة ، أو الّتى تسبق ملك الموت في الخروج الى الله شوقا اليه ، أو النّجوم الّتى يسبق بعضها بعضا في السّير ، أو خيل الغزاة يسبق بعضها بعضا (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) اى الملائكة المدبّرة امر أهل الأرض ، أو الرّؤساء من الغزاة يدبّرون امر الجنود والجهاد ، أو النّفوس الكاملة الرّاجعة من السّير الى الله في السّير الى العباد لتكميلهم ، أو النّفوس السّالكة المدبّرة امر السّير الى الله دون المجذوبة اليه من غير سلوك ، أو النّجوم المدبّرة امر العالم ، وعطف الأخيرين بالفاء للاشعار بشرافة الصّفتين أو الصّنفين ، وجواب القسم محذوف بقرينة الآتي كأنّه قال : لتبعثنّ (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) ظرف للمدبّرات