(وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) وقت الضّحى الى الآصال أو نهار الرّوح أو السّرور أو نهار عالم المثال إذا تجلّى لأهله (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) لفظة ما مصدريّة أو موصولة بمعنى من ، والتّأدية بما لتوافق اعتقاد الجميع والمراد بالذّكر والأنثى جنسهما ، أو آدم وحوّاء أو علىّ (ع) وفاطمة (ع) ، وقرئ وخلق الذّكر والأنثى بدون ما (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) اى متفرّق ، اعلم انّ السّعى عبارة عن حركات الأعضاء ، ولمّا كان الحركات الاراديّة لا بدّ لها من مبدء إراديّ والمبدأ الارادىّ لا يكون الّا العلّة الغائيّة الّتى هي مبدأ فاعليّة الفاعل بحسب التّصوّر وغاية الفعل بحسب الوجود ، وكان الإنسان ذا قوى كثيرة بحسب شعب القوى الشّهويّة والغضبيّة والشّيطنة والعاقلة منفردة أو مركّبة ، ولكلّ قوّة مباد وغايات عديدة مثل شهوة النّساء مثلا فانّ المشتهى لهنّ قد يكون الدّاعى في سعيه النّظر فقط ، وقد يكون مع ذلك اللّمس ، وقد يكون التّقبيل والتّعانق والتّحادث ، وقد يكون الالتحاف معهنّ ، وقد يكون السّفاد كان سعيه مع اختلافه بحسب الصّورة مختلفا في المبدء والغاية (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) من ماله لله ، ومن جاهه وعرضه ، ومن قوّة قواه وحركات أعضائه ، ومن قوّته المتخيّلة والعاقلة (وَاتَّقى) من البخل ومن الإعطاء في غير طلب رضا الله ، وهذا اشارة الى الكمال العملىّ (وَصَدَّقَ) تقليدا بان استمع من صادق وصدّق ، أو تحقيقا بان وجد أنموذج ما استمع في نفسه (بِالْحُسْنى) اى العاقبة أو المثوبة أو الخصلة أو الفضيلة أو الكلمة الحسنى ، وروى عن الصّادق (ع) انّ المراد بها الولاية فانّه لا حسنى أحسن منها ، وقيل : المراد بها السّير في الله وهو أيضا آخر مقامات الولاية وهذا اشارة الى الكمال العلمىّ (فَسَنُيَسِّرُهُ) بحسب العمل (لِلْيُسْرى) اى الخصلة اليسرى الّتى هي أيسر شيء على انسانيّة الإنسان وهي الجدّ في طلب مرضاة الله فانّه بعد ما كان الإنسان مصدّقا خصوصا إذا كان تصديقه تحقيقيّا كان الطّاعة أيسر شيء والذّ شيء عنده فقوله تعالى : من أعطى ، اشارة الى العمل التّقليدىّ ، وصدّق اشارة الى انتهاء العمل الى التّحقيق ، وقوله تعالى : فسنيسّره لليسرى اشارة الى العمل التّحقيقىّ ، أو المراد باليسرى السّير في الله فانّه الخصلة اليسرى على الإطلاق فانّ السّير في الله لا يكون الّا بعد الخروج عن انانيّات النّفس والفناء الذّاتىّ ، وكلّ عمل يكون مع بقاء انانيّة للنّفس يكون له عسرة ما على النّفس ، أو المراد باليسرى ضد اليمنى ، ويسرى النّفس الانسانية هي الكثرات يعنى سنيسّره للاشتغال بالكثرات بحيث يكون في نهاية اليسر عليه بعد ما كان عسيرا عليه (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) بحسب العمل التّقليدىّ (وَاسْتَغْنى) عن موائد الآخرة بترك العمل لها وهذا اشارة الى النّقصان العملىّ والعلمىّ (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) اشارة الى النّقصان العلمىّ (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) اى الطّريقة العسرى وهي طريق النّفس الى الملكوت السّفلى ، ولا أعسر على الانسانيّة منها (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) اى سقط في الهاوية من: تردّى في البئر إذا سقط فيها ، قال القمّىّ : نزلت في رجل من الأنصار كانت له نخلة في دار رجل وكان يدخل عليه بغير اذن فشكا ذلك الى رسول الله (ص) وفي المجمع كان لرجل نخلة في دار رجل فقير ذي عيال وكان الرّجل إذا جاء فدخل الدّار وصعد النّخل ليأخذ منها التّمر فربّما سقطت التّمرة فيأخذها صبيان الفقير فينزل الرّجل من النّخلة حتّى يأخذ التّمر من أيديهم ، وان وجدها في فيّ أحدهم ادخل إصبعه حتّى يأخذ التّمرة من فيه ، فشكا ذلك الى النّبىّ (ص) وأخبره بما يلقى من صاحب النّخلة فقال النّبىّ (ص) لصاحب النّخلة ، تعطيني نخلتك المائلة الّتى فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنّة؟ ـ فأبى ، فقال (ص) بعنيها بحديقة في الجنّة؟ فأبى ، وانصرف ، فمضى اليه ابو الدّحداح واشتراها منه بأربعين نخلة ، وأتى الى النّبىّ (ص) فقال : يا رسول الله (ص) خذها واجعل لي في الجنّة الحديقة الّتى قلت لهذا ، فلم يقبله ، فقال رسول الله (ص) لك في الجنّة حدائق وحدائق وحدائق ، فأنزل الله الآيات ، وعن الباقر (ع) فأمّا من أعطى ممّا آتاه الله واتّقى وصدّق بالحسنى اى بانّ الله يعطى