الآية أرجى آية في كتاب الله ، وعن الصّادق (ع) رضا جدّى (ص) ان لا يبقى في النّار موحّد (أَلَمْ يَجِدْكَ) استفهام إنكارىّ واستشهاد على إعطاء ما يرضاه كأنّه قيل : ما الدّليل على صدق هذا الوعد؟ ـ فقال: الدّليل عليه انّه وجدك (يَتِيماً) عن الأب والامّ (فَآوى) اى آواك اليه أو وجدك يتيما بلا نظير فآوى النّاس إليك كما في الخبر (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) عطف على الم يجدك فانّه في معنى وجدك يتيما اى وجدك قاصرا عن مرتبة الكمال المطلق فهداك اليه ، أو وجدك متحيّرا في امر معاشك فهداك الى تدبير معيشتك فانّه يقال للمتحيّر في مكسبه : انّه ضالّ ، أو وجدك لا تعرف ما الكتاب ولا الايمان فهداك إليهما ، وقيل : المعنى وجدك ضالّا في شعاب مكّة فهداك الى جدّك عبد المطّلب لانّه روى انّه ضلّ في شعاب مكّة وهو صغير فرآه ابو جهل وردّه الى جدّه ، وقيل : انّ حليمة الّتى كانت ترضعه أرادت ان تردّه الى جدّه بعد إتمام رضاعه وجاءت به الى جدّه فضلّ في الطّريق فطلبته جزعة فرأت شيخا متّكأ على عصاه فسألها عن حالها فأخبرته بذلك فقال : لا تجزعي انا ادّلك عليه فجاء الى هبل فقال : هذه السّعديّة ضلّ عنها رضيعها وجئت إليك لتردّ محمّدا (ص) عليها فلمّا تفوّه باسم محمّد (ص) تساقطت الأصنام وسمع صوتا انّ هلاكنا على يدي محمّد (ص) فخرج وأسنانه تصطكّ فأخبرت عبد المطّلب (ع) فطاف بالبيت فدعا فأشعر بمكانه فأقبل عبد المطّلب في طلبه فاذا هو تحت شجرة يلعب بأوراقها ، وقيل : انّه خرج مع عمّه ابى طالب (ع) في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطّريق فجاء جبرئيل وردّه الى القافلة ، أو المعنى وجدك ضالّا عن قومك بمعنى انّ قومك كانوا لا يعرفون مرتبتك فهدى قومك الى معرفتك (وَوَجَدَكَ عائِلاً) اى فقيرا (فَأَغْنى) يعنى وجدك محتاجا في المال فأغناك بمال خديجة ، أو بالقناعة أو في العلم فأغناك بالوحي ، أو وجدك ذا عيال فأغناك ، أو وجدك تمون قومك بأرزاقهم المعنويّة فأغناك بالوحي ، روى عن الرّضا (ع) انّه قال : فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى النّاس إليك ، ووجدك ضالّا اى ضالّة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك ، ووجدك عائلا تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك (فَأَمَّا الْيَتِيمَ) عن الأب الصّورىّ أو عن الامام بان لا يكون له امام أو بان انقطع عن امامه بغيبته أو بموته أو بعدم الحضور الملكوتىّ عنده وان كان حاضرا عنده بالحضور الملكىّ ، أو اليتيم عن العلم (فَلا تَقْهَرْ) اى لا تقهره على ماله فتذهب بحقّه أو لا تحتقره ، روى انّ رسول الله (ص) قال : من مسح على رأس يتيم كان له بكلّ شعرة تمرّ على يده نور يوم القيامة ، وفي خبر : لا يلي أحدكم يتيما فيحسن ولايته ووضع يده على رأسه الّا كتب الله له بكلّ شعرة حسنة ، ومحا عنه بكلّ شعرة سيّئة ، ورفع له بكلّ شعرة درجة ، وفي خبر : انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة إذا اتّقى الله عزوجل ، وأشار بالسّبّابة والوسطى (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) اى لا تزجر ، والمراد بالسّائل من يسأل من اعراض الدّنيا ، أو من يلتمس امرا من أمور الآخرة ، روى عن رسول الله (ص): إذا أتاك سائل على فرس باسط كفّيه فقد وجب الحقّ ولو بشقّ تمرة (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) النّعمة كما مرّ مرارا ليست الّا الولاية ، أو ما كان لأهل الولاية من حيث انّهم أهل الولاية سواء كان من لوازم الحياة الدّنيا وطواريها ، أو من لوازم الحياة الآخرة وغاياتها ، وسواء كان بصورة النّعمة أو بصورة البلاء ، والتّحديث اعمّ من ان يكون بالفعل أو بالقول أو بالكتابة أو بالاشارة بل التّحديث بالفعال احبّ الى الله من التّحديث بالمقال ، فاذا أنعم الله على عبد بنعمة من النّعم الصّوريّة الدّنيويّة أو الاخرويّة المعنويّة احبّ ان يرى من المنعم عليه ان يظهرها بلسانه أو بفعاله ، فلو كتمها من غير مرجّح الهىّ كان كافرا لأنعم الله ، ولمّا كان الخطاب يعمّ الرّسول (ص) واتباعه كان الأمر بالتّحديث مختلفا بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال ، فانّه إذا كان الخطاب لمحمّد (ص) كان الأمر بتحديث الولاية والنّبوّة والرّسالة والقرآن واحكام الولاية