يَوْماً مِنَ الْعَذابِ قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ) المعجزات أو براهين صدقهم أو احكام الرّسالة (قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا) تهكّموا بهم وسخروا منهم ولذلك قالوا (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) اى في ضياع ، ويحتمل ان يكون هذا من الله (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) المراد بالحيوة الدّنيا ان كان الحيوة المصاحبة للحيوة الحيوانيّة الطّبيعيّة فالمراد بالنّصرة نصرتهم في دينهم لا في دنياهم لانّ أكثر الأنبياء لم ينصروا بحسب دنياهم ، وان كان المراد الحيوة البرزخيّة فلا إشكال ، والمراد بالاشهاد الأنبياء (ع) وأوصيائهم (ع) (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) يعنى جهنّم (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى) اى أعطيناه وصف الهداية للخلق بان جعلناه رسولا إليهم ، أو كونه مهديّا بان هديناه الى ما ينبغي ان يهتدى اليه ، أو آتيناه ما يهتدى به من الآيات أو من الأحكام أو من التّوراة (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) كتاب النّبوّة وأحكامها ، أو كتاب التّوراة (هُدىً وَذِكْرى) اى ذا هدى ، أو هاديا ، أو ما يهتدى به (لِأُولِي الْأَلْبابِ) قد تكرّر انّ الإنسان بدون الاتّصال بالولاية كالجوز الخالي من اللّبّ ويكون اعماله خالية من اللّبّ وان كانت مطابقة لما ورد في الشّريعة كما أفتى به الفقهاء موافقا لما ورد في الاخبار وكان هو واعماله لائقة للنّار ، وإذا اتّصل بالولاية صار ذا لبّ وصار اعماله ذوات الباب (فَاصْبِرْ) لمّا كان ذكر الأمم الماضية ورسلهم (ع) وهلاكهم بسبب تكذيب الرّسل (ع) وذكر موسى (ع) وفرعون كلّها لتسلية الرّسول (ص) في تكذيب قومه وتركهم للولاية قال بعد ما ذكر حكايتهم بطريق التّفريع فاصبر (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بنصرتك (حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) كرّر الآية لتعليل امره بالصّبر (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) اى الانصراف عن الحقّ والاستكبار على أهل الحقّ (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) اى بالغي ذلك الكبر ومقتضاه (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) منه أو منهم (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لاستعاذتك فيعيذك ولما يقولون فيك ويدبّرونه فلا يدعهم ينفذ مكرهم فيك (الْبَصِيرُ) بك وبهم ، وبما تفعل ويفعلون ، وبكبرك ان استكبرت وبكبرهم (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) فلا ينبغي للنّاس الضّعيف الخلق الكبر في مقابل ما هو أكبر منه وانّما قال لخلق السّماوات ولم يقل السّماوات والأرض للاشعار بانّ الصّورة الخلقيّة منهما أكبر من الصّورة الخلقيّة الانسانيّة ، وامّا النّشأة الرّوحيّة الانسانيّة فهو أكبر بمراتب من صورة السّماوات والأرض ومن نشأتهما الرّوحيّة الامريّة ، والمجادل تنزّل من مقام روحيّته الامريّة الى الصّورة الخلقيّة كأنّه ليس له نشأة روحيّة (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ليس لهم مقام علم حتّى يعلموا ضعفهم ، أو لا يعلمون ضعفهم وحقارتهم بالنّسبة الى السّماوات (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) رفع لتوهّم انّ عدم العلم يكون عذرا لهم في كبرهم وجدالهم ولذلك قدّم الأعمى والمراد بالعمى عمى القلب الّذى يكون من أوصاف القوّة العلّامة بمعنى الجهل كما انّ المراد بالبصر بصيرة القلب الّتى هي عبارة عن العلم (وَالَّذِينَ آمَنُوا) لم يقدّم المسيء هاهنا لحصول الغرض من تقديم الأعمى (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) والمراد بالايمان الانقياد والتّسليم الحاصل بالبيعة العامّة ، أو الخاصّة ، أو نفس البيعة العامّة أو الخاصّة ، والمراد بالعمل الصّالح البيعة الخاصّة ، أو العمل بالشّروط الّتى تؤخذ في البيعتين ، وايّا ما كان فالمقصود بيان عدم التّسوية بين من كمّل قوّته العمّالة ومن لم يكمّلها ، وزيادة