قل هو الله أحد والآيات من سورة الحديد الى قوله : عليم بذات الصّدور فمن رام وراء ذلك فقد هلك ، والمراد بالآيات من سورة الحديد آيات اوّلها الى قوله عليم بذات الصّدور فانّ الله تعالى أدرج فيها دقائق التّوحيد الّذى لا يصل إليها ادراك المتعمّقين في التّوحيد فكيف بغيرهم!. وسئل الرّضا (ع) عن التّوحيد فقال : كلّ من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التّوحيد ، قيل : كيف يقرؤها؟ ـ قال : كما يقرؤها النّاس وزاد فيها كذلك الله ربّى مرّتين ، ولمّا كان السّورة مشتملة على توحيده تعالى وإضافاته وكان القارى كأنّه يقرأ بلسان الله ويأمر بلسان الله نفسه بالتّوحيد وبكيفيّة إضافاته ورد عنهم بعد تمامه : كذلك الله ربّى ، مرّتين ، اشارة الى امتثال امره وإقرارا بتوحيده وإضافاته ، ولمّا كان السّورة مشتملة على توحيده وإضافاته وسلوبه روى عن الفضيل بن يسار ، انّ أبا جعفر أمرني ان اقرأ قل هو الله أحد وأقول إذا فرغت منها : كذلك الله ربّى ، ثلاثا ، اشارة الى الامتثال بالإقرار بالتّوحيد وإضافاته وسلوبه ، ولمّا كان العلوم ثلاثة بمضمون ما ورد عن النّبىّ (ص) من قوله : انّما العلم ثلاثة ؛ آية محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سنّة قائمة ، وتمام القرآن لبيان هذه الثّلاثة ، وهذه السّورة مشتملة بايجازها على تمام الآيات المحكمات ورد عنهم : انّ من قرأها كان كمن قرء ثلث القرآن ، والوجه الآخر في ذلك انّ السّالك الى الله لا يحصل له السّلوك الّا بالجذب والانسلاخ من الكثرات وبالتّوجّه الى الكثرات ، والتّوجّه الى الكثرات امّا لمرمّة المعاش أو تزوّد المعاد ، وتمام القرآن لبيان كيفيّة هذه الثّلاثة والسّورة المباركة في مقام الجذب والانسلاخ ، والوجه الآخر انّ القرآن لاثبات الرّبّ وتوحيده وإثبات الخلق وتكثيرهم ، وإثبات الوسائط بين الرب والخلق ، والوجه الاخر ان القران لبيان اضافة الحقّ الى الخلق واضافة الخلق الى الرّبّ وبيان الوسائط بين الاضافتين ، ولمّا لم يكن يتمّ سلوك السّالك الّا بطروّ حال الجذب والانسلاخ عليه فانّه لو لم يكن للسّالك حرارة الجذب جملة ولم يتحرّك الى الله ورد عن الصّادق (ع): من مضى به يوم واحد فصلّى فيه خمس صلوات ولم يقرء فيه بقل هو الله أحد قيل له : يا عبد الله لست من المصلّين ، وليس المراد بقراءة قل هو الله لقلقة اللّسان فقط فانّها ربّما تصير وبالا على القارى ، بل المراد توفيق الحال للقال حتّى ذاق القارى ووجد في وجوده أنموذج الانسلاخ ولهذا الوجه ورد عنه (ع): من مضت له جمعة ولم يقرء بقل هو الله أحد ثمّ مات مات على دين ابى لهب لانّ أبا لهب كان فارغا من حرارة الجذب الفطرىّ ، وقد ورد في حقّ هذه السّورة فضائل كثيرة عنهم (ع) ولفضلها لا يجوز العدول عنها في الفريضة الى غيرها إذا شرع المصلّى فيها ، وإذا صلّى ولم يقرء في صلوته بقل هو الله أحد كان صلوته ناقصة كما في الاخبار ، وقد روى عن النّبىّ (ص) انّه قال : من قرأ قل هو الله أحد مرّة بورك عليه ، فان قرأها مرّتين بورك عليه وعلى اهله ، فان قرأها ثلاث مرّات بورك عليه وعلى اهله وعلى جميع جيرانه ، فان قرأها اثنتى عشره مرّة بنى له اثنا عشر قصرا في الجنّة ؛ فتقول الحفظة : انطلقوا بنا ننظر الى قصر أخينا! فان قرأها مأة مرّة كفّر عنه ذنوب خمس وعشرين سنة ما خلا الدّماء والأموال ، فان قرأها اربعماة كفّر عنه ذنوب اربعمائة سنة ، فان قرأها الف مرّة لم يمت حتّى يرى مكانه من الجنّة أو يرى له ، والاخبار في انّها تعدل ثلث القرآن وانّ من قرأها ثلاث مرّات الف مرّة لم يمت حتّى يرى مكانه من الجنّة أو يرى له ، والاخبار في انّها تعدل ثلث القرآن وانّ من قرأها ثلاث مرّات كان كمن قرأ القرآن كلّه كثيرة ، وروى انّه جاء رجل الى النّبىّ (ص) فشكا اليه الفقر وضيق المعاش فقال له رسول الله (ص) : إذا دخلت بيتك فسلّم ان كان فيه أحد وان لم يكن فيه أحد فسلّم واقرأ قل هو الله أحد مرّة واحدة ، ففعل الرّجل فأفاض الله عليه رزقا حتّى أفاض على جيرانه ، وعن الصّادق (ع) انّه قال : من اصابه مرض أو شدّة فلم يقرأ في مرضه أو شدّته بقل هو الله أحد ثمّ مات في مرضه وفي تلك الشّدّة الّتى نزلت به فهو من أهل النّار ، وسبب ذلك انّ هذا المبتلى لو كان بقي فطرته الّتى بها ينجذب الى عالم الآخرة والى الله يصير مرضه وشدّته لا محالة سببا لانسلاخه وتوجّهه الى الله ، وهذا الانسلاخ هو قراءة قل هو الله قرأ أو لم يقرء ، وإذا لم ينسلخ علم انّه لم يبق فيه الفطرة فكان من أهل النّار لانّ من لم يبق