الآلهة فيه فيكون بمنزلة النّتيجة لسابقه ، ولمّا كان الآيات في مقام تعداد النّعم لم يأت بأداة الوصل في رؤس الآي (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) يعنى بعد ما ذكّرتهم بنعم الله وحصر الآلهة فيه تعالى أظهر براءتك عن عبادة معبوداتهم (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ) ذكر نعمة اخرى بطريق تعداد النّعم أو في مقام التّعليل لقوله نهيت (مِنْ تُرابٍ) فانّ تولّد مادّة النّطفة ليس الّا من حبوب النّبات وبقولها ولحوم الحيوان وألبانها والكلّ يحصل من التّراب (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) أتى بالثّلاثة منكّرة للاشارة الى انّ التّراب الحاصل منه مادّة النّطفة لا بدّ وان يكون ترابا مخصوصا متكيّفا بكيفيّة مخصوصة ممتزجا مع سائر العناصر ، وانّ النّطفة الّتى تصير مادّة الإنسان تكون نطفة مخصوصة ممتازة عن سائر النّطف وكذا العلقة (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا) عطف على لتكونوا أو على محذوف اى لتستكملوا في نفوسكم ولتبلغوا (أَجَلاً مُسَمًّى) ويكون قوله ومنكم من يتوفّى بين المعطوف والمعطوف عليه ، أو بين العلّة ومعلولها ، أو متعلّق بمحذوف اى ومنكم من يبقى لتبلغوا أجلا مسمّى (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تدركون بعقولكم ، أو تصيرون عقلاء ، أو تعقلون امر الآخرة من امر الدّنيا ، فانّ الانتقالات في الحالات إماتات وإحياءات ، وليدرك الإنسان من تلك الانتقالات النّقلة العظمى وانّها ليست افناء واستيصالا بل هي افناء لصورة واحياء بصورة أتمّ وأكمل ، وقد سبق في سورة الحجّ الآية بأكثر اجزائها مع بيان لها (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) من قبيل تعداد النّعم أو تعليل لسابقه واشارة الى نعمه تعالى (فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) قد مضى الآية مع بيانها في سورة البقرة عند قوله تعالى : بديع السّماوات والأرض وإذا قضى امرا (الآية) وفي غيرها (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ) من الله (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) بدل أو صفة للّذين يجادلون ، أو خبر أو مفعول لمحذوف أو مبتدء خبره (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) إذ مفعول يعلمون أو ظرف له ، والفعل منسىّ المفعول ، أو مقدّر المفعول (وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يحمون أو يوقدون (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) ما زائدة أو موصولة أو موصوفة والعائد محذوف (مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أخبروا اوّلا بانّهم أفلتوا من أيديهم ، ثمّ التفتوا الى انّهم كانوا مدعوّين بحسب حدودهم وتعيّناتهم ، والحدود كانت عدميّة ولكن كانت على القاصرين كالسّراب تظهر بصورة الموجود وفي القيامة يرتفع الحدود ويعلم كلّ أحد أنّها كانت سرابا لا حقيقة لها فأضربوا عن أخبارهم بضلال الشّركاء عنهم وقالوا (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) وقد ورد الاخبار بانّ الآية في المعرضين عن الولاية وعن علىّ (ع) ، والمراد بما يشركون رؤساء الضّلالة وعلى هذا فالمراد ب (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) الّذين يجادلون في خلافة علىّ (ع) ، والمراد ب (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ) الّذين كذّبوا الآيات الواردة في الولاية ، وبما أرسلنا به رسلنا هو الولاية لانّها غاية الرّسالة بدليل ان لم تفعل فما بلّغت رسالتك ، والمراد بما يشركون ما جعلوه شريكا لعلىّ (ع) في الخلافة ، ومن دون الله من دون اذن الله ، أو حالكون الشّركاء غير علىّ (ع) الّذى هو مظهر الله (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) في الدّنيا أو في الآخرة ، عن الباقر (ع) فامّا النّصّاب من أهل